بسم الله / الاستقبال / الصحيح الفصيح/بين الثلاثي والثالثي 

الصحيح الفصيح

تصحيح أخطاء شائعة (32)

بين "الثـلاثي" و"الثـالثـي"

 

     هما مصطلحان اثنان مختلفان كل الاختلاف، لمفهومين اثنين متباينين كل التباين، بيد أن الألسنة والأقلام - في زماننا - سلّطت المصطلح الأول (الثلاثي) على المصطلح الثاني (الثالثي) فنفاه نفيا سحيقا، وحلّ محله، واستبدّ بوظيفته، جامعا بينها وبين وظيفته الذاتية الأصلية، رغما عن تباين المفهومين، بل وتناقضهما، فلا نكاد نجد استعمالا للمصطلح "الثالثي" إلاّ في اصطلاح الكهنوت المسيحي العربي الذي احتفظ بدلالته اللغوية عانيا به   "عضوا من الدرجة الثالثة".

     ففي استعمال المصطلح " الثلاثي " للدلالة على المفهومين المتناقضين تعسف يأباه المنطق وترفضه اللغة. ولتبيان خطورة هذا التعسف الذي يجرّ معه من الالتباس ما اللغة غنية عنه، وبريئة منه، يجدر بنا أن ننكبّ على بحث الدلالة اللغوية للمصطلحين "الثلاثي" و" الثالثي ".

 - الثلاثي  :

    ورد في " لسان العرب " لابن منظور، ضمن مادة " ثلث " وفي " تاج العروس من جواهر القاموس " لمرتضى الزبيدي ما يلي  :

" الثلاثي : المنسوب إلى الثلاثة (على غير قياس). الثلاثي : المنسوب إلى ثلاثة أشياء، أو كان طوله ثلاثة أذرع : (ثوب ثلاثي ورباعي) والكلمات الثلاثية : التي اجتمع فيها " ثلاثة أحرف. هـ"

     وفي " المعجم الوسيط " الذي أصدره " مجمع اللغة العربية " بالقاهرة ما يلي :

« الثلاثي : المنسوب إلى الثلاثة (على غير قياس). وما ركّب من ثلاث. يقال : «رسم ثلاثي، وكلمة ثلاثية

فالمصطلح "الثلاثي"، إذن يدل على الشيء المركّب من ثلاثة أطراف، أو المكوّن من ثلاثة عناصر. فإن قلنا، مثلا، " لجنة ثلاثية " فإننا نعني بها لجنة مركبة من ثلاثة أعضاء. وإن قلنا " اجتماعا ثلاثيا " نعني به " اجتماعا يضمّ ثلاثة أطراف". ويقابل

المصطلح " الثلاثي " في اللغة الفرنسية لفظ " Tripartite " وبالتالي، عندما نقول "طريقا ثلاثية" ينبغي أن نعني بها " طريقا تتركب من ثلاثة أجزاء " أو " متشعبة ثلاث شعب " أي " طريقا تشتمل على ثلاث طرق فرعية ". ولا يصح بأي حال أن نعني بها "طريقا من المرتبة الثالثة" مقابلين بها اللفظ الفرنسي  T " على نحو ما هو شائع الآن.

    فالخطأ شائع في استعمالنا العبارة التالية : "طريق ثلاثية" نقصد بها "طريقا من المرتبة (أو الدرجة) الثالثة" والصواب أن  نقول : "طريقا ثالثية" نسبة إلى لفظ "ثالث" مثلما نقول : "طريق ثانوية" نقصد بها "طريقا من المرتبة الثانية" نسبة إلى لفظ "ثانٍ".