على إثر إصابتي بالمرض العضال،
داء جلطة القلب امتنعت عني صلاة خاصة من
غير الفرائض، حبيبة إلى نفسي، كلما حاولت
القيام بها أو بغيرها من النوافل أكاد
أعجز عن أداء الفرائض لما يصيبني من التعب
والارهاق. فاضطررت إلى الاقتصار على
الواجب دون الرغائب. وذات يوم خطر لي فجأة
من دون سابق تفكير، أني ربما صرت قادرا على
الإتيان بتلك الصلاة الحبيبة وترددت
قليلا بعد ما راجعت نفسي طويلا على قدرتي
عليها. وأخيرا برقت لي بارقة أمل فاندفعت
في الصلاة بنشاط وخفة وراحة نفس لم أعهدها
قبل مرضي. ولما فرغت شعرت بانشراح وارتياح
كأني لم أبذل أدنى جهد فوجدتني أقول "عادت
الحبيبة" فكانت هذه القصيدة.
أَتَــتْـنِـي
الـحَـبِـيـبَــةُ فِـي
غَــفْــلَـــــةٍ
بِـــــلاَ مَـــوْعِــــدٍ وبِـــلاَ نِـــيَّـــةِ
وجَــاءَ بِهَــا
الــشَّــوْقُ لَـــيِّــنَــــةً
وطـَـيِّـعَــةً حُــلْــوَةَ
الْــبَـــسْــمَــــةِ
تَــقُــولُ
الْـمَـعَــاذِيـــرُ
مَــقْــبُـــولَـــةٌ
فَــلاَ مِــنْ
عِــتَـــابٍ ولاَ تُـهْـمَــــةِ
فَـمَـا كَـانَ بُـعْــدُكَ
عَــنِّـي قِـــلـــــىً
وهَــجْـــرَ دَلاَلٍ
سِــــوَى الْـعِــلَّــةِ
لِــذَا جِــئْـتُـكَ
الْـيَـوْمَ عَـائِــدَةً
(1)
عَـسَانَا نُرَوِّي صَدَى(2)
الْغُـلَّةِ (3)
فَــقُـمْــتُ
إِلَــيْــهَـــا
أُعَـانِـــقُــهــــا
طَــرُوبـاً وسَـكْـرَانَ مِـنْ
نَـشْـوَتِـــي
زَهَـانِـي الْـوِصَــالُ
فَــلَــمْ أَكْـتَــــرِثْ
لِـــدَائِـــي، أَنَــا
مُـحْـــدَثُ الـنَّـشْـــأَةِ
فَـيَــا لَــذَّةَ
الْـوَصْــلِ فِـي رَكْـــعَــــةٍ
ويَــا مُــتْــعَــةَ الــذُّلِّ
فِــي سَـجْـــدَةِ
ويَــا
لَـلْــحَـبِــيــبَـــةِ
قَـــائِـــمَـــــــةً
ويَـا لَـلْــحَــبِــيــبَـــةِ
فِــي جَـلْـسَـــةِ
تُــدَاوِي
سُــقَــامِـي بِـلَـهْــجَـتِــهَــا
وأَقْــوَالِــهَــا
خَــمْــرَةِ الْــمُـهْـجَـــةِ
قِـيَامِــي جُـلُـوسِــي
هُــمَــا خِــفَّــــةً
كَــطَـــيْــرٍ تَــفَـــلَّــتَ
مِــنْ قَــبْـضَــةِ
أُسَــائِــلُ
نَـفْــسِــي أَفِــي
حُــلُــــمٍ أَنَـــا الْآنَ
يَــا نَـــفْــسُ
أَمْ يَــقْــظَـةِ
فَــإِنِّــي لَـأَدْعُــــو
الْاِلاَهَ الْــقَــدِيــــرَ
دَوَامَ الْــوِصَــــالِ
أَيَــا مُــنْــيَـتِــي
صَــلاَتِـي بِــذُلٍّ
لِــرَبِّــي الْــكَـرِيـــــمِ
بِـهَــا عِــزَّتِـــي
وبِــهَــا سَــلْـوَتِــي
فَـلاَ قَـدَّرَ اللــهُ
يَـوْمــاً فِـــرَاقــــــــاً
فَـمَـا أَظْــلَـمَ الْـعَـيْـشَ
فِـي الْـفُـرْقَــةِ
إِذَا كَـانَ بُـعْـدُ
الْـحَـبِـيـبِ عِـقَـابـــــــاً
تَـــقَـــبَّــلْ
أَيَـا خَــالِـقِــي
تَــوْبَــتِـي
بِـجَـاهِ الـنَّـبِيِّ
الـرَّؤُوفِ الـرَّحِـيــــــمِ
شَـفِـيعِ الـعُـصَاةِ
لَــدَى الْحَـضْـــرَةِ
عَـلَـيْهِ مِـنَ الـَّلــهِ
أَزْكَـى الـصَّـــــلاَةِ
وأَزْكَـــى الـسَّـــلاَمِ
بِــــلاَ فَــتْــرَةِ
مَـــــعَ الْآلِ
طُــــــرّاً وأَزْوَاجِـــــــــهِ
وأَصْـحَـــابِـهِ مِـنْ ذَوِي
الـنَّــصْــرَةِ
ومَـغْـفِــرَةً مِـنْ
غَــفُـــورٍ رَحِـيـــــمٍ
لِــعَــبْــدٍ فَــقِــيــرٍ
إِلَـى الـرَّحْـمَـــةِ
الشرح
:
(1)
عائدة
: من العيادة لا العودة.
(2)
الصدى
: العطش الشديد.
(3)
الغُلة
(بضم الغين) حرارة الكبد من العطش
|