بسم الله / الاستقبال / الصحيح الفصيح/مختلِف 

الصحيح الفصيح

تصحيح أخطاء شائعة (7)

مختـلِـف

 

    من الأخطاء الشائعة شيوعا متفاحشا على ألسنة العامة وبعض الخاصة وخصوصا على ألسنة المذيعين والمتحدثين في الإذاعة لفظ "مختلَف" بدلا من مختلِف في مثل العبارة التالية "مختلَف الصحف" بدلا من "مختلِف الصحف" وقد سرى واستشرى هذا اللحن حتى في أوساط المثقفين فلا تكاد تجد من ينطق به صحيحا حتى صار من يقول "مختلِف" يخشى أن يُخَطَّأَ ويُرَدَّ إلى اللحن من حيث يُظَنُّ التصحيح والرَّدُّ إلى الفصيح.

    وندعو هؤلاء اللاحنين إلى شيء من التبصر فإن لفظ "مختلِف" الذي تنطق به ألسنتهم "مختلَف" هو إسم الفاعل لفعل "اختلف" الذي هو على وزن "افتعل" وكل من له إلمام قليل بقواعد اللغة يعلم أن إسم الفاعل لكل فعل على وزن "افتعل" يأتي على وزن "مفتعِل" لا على وزن "مفتعَل". فمثلا إسم الفاعل لفعل "استتر" هو "مستَتِر" لا "مستَتَر" وإسم الفاعل لفعل "انتصر" هو "منتصِر" لا "منتصَر" وإسم الفاعل لفعل "امتحن" هو "ممتحِن" إلخ..

    فعبارة "مختلِف الصحف" تعني - بعبارة أخرى - "الصحف المختلِفة" إنما قدمت فيها الصفة على الموصوف لإضافتها إليه. فكما أنه لايصح أن نقول "الصحف المختلَفة" فكذلك لا يصح أن نقول "مختلَف الصحف" وهكذا الحال في كل عبارة يكون فيه لفظ "مختلِف" مضافا إلى موصوفه فنقول "مختلِف المباريات" و"مختلِف الامتحانات" و"مختلِف الدروس" و"مختلِف البرامج" إلخ...

    ولا ورود للفظ "مختلَف" في اللغة العربية إلا في مثل العبارة التالية "مختلَفٌ عليه" أو "مختلَفٌ فيه" أو "مختلَفٌ بشأنه" أو "مختلَف في موضوعه". فلفظ "مختلَف" يعني شيئا وقع عليه الاختلاف لا صدر منه الاختلاف بينما لفظ "مختلِف" يعني ما صدر منه الاختلاف لا ما وقع عليه الاختلاف.

    فإذا نحن استعملنا "مختلَف" مكان "مختلِف" جاز لنا أن نستعمل لفظ "ممتحَن" مكان "ممتحِن" فنكون وضعنا التلميذ مكان الأستاذ ووضعنا الأستاذ مكان التلميذ.

    وأعظم مرجع في اللغة هو كتاب الله تعالى فلنرجع إليه ولنتتبع فيه لفظ "مختلِف" حتى يتبين لنا الصواب من الخطأ وعلنا نستمسك بالفصيح الصحيح.

    قال الله تعالى في سورة "النحل" : ( يخرج من بطونها شراب مختلِفٌ ألوانه فيه شفاء للناس). وقال سبحانه في سورة "فاطر" : ( ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلِفٌ ألوانُها ومن الناس والدواب والأنعام مختلِفٌ ألوانه كذلك(.

    وقال جل من قال في سورة "الذاريات" : ( والسماء ذات الحبك إنكم لفي قول مختلِف ) وقال عز من قائل في سورة "الأنعام" : ( وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلِفاً أكله ) وفي سورة "النحل" :  (وما ذرأ لكم في الأرض مختلِفاً ألوانه ) وفي سورة "فاطر" : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلِفاً ألوانها) وفي سورة "الزمر" : ( ثم يخرج به زرعا مختلِفاً ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ). صدق الله العظيم.