أ)
التحديد
اللغوي
جاء
في (المعجم
الوسيط) ضمن
تفسير فعل
أعرب : « أعرب
فلان كان
فصيحا في
العربية وإن
لم يكن من
العرب. وأعرب
الكلام
بينه، أعرب
لمراده : أفصح
به ولم يوارب.
وأعرب عن
حاجته : أبان.
وأعرب الاسم
الأعجمي : نطق
به على منهاج
العرب... وأعرب
الكلام : أتى
به وفق قواعد
النحو
وأعربه : طبق
عليه قواعد
النحو».
وفسر
كلمة
الإعراب
الذي هو مصدر
فعل "أعرب"
كما يلي : «
فالإعراب :
تغيير يلحق
أواخر
الكلمات
العربية من
رفع ونصب وجر
وجزم على ما
هو مبين في
قواعد النحو».
نستخلص
مما تقدم أن
الإعراب هو
الكلام وفق
قواعد النحو
من أجل بيان
الكلام
ووضوحه.
لقد
تقدم لنا قول
ابن خلدون : «
ألا ترى أن
قولهم : "زيد
جاءني"
مغاير
لقولهم "جاءني
زيد" من
قِبَل أن
المتقدم
منهما هو
الأهم عند
المتكلم فمن
قال زيد
جاءني أفاد
أن اهتمامه
بالشخص قبل
المجيء... الخ.».
ب)
عملية
الإعراب
وتوضيحا
لذلك نتبين
فائدة
الإعراب
بمعناه
النحوي
ومزيته
بالمقارنة
مع اللغة
الفرنسية.
وفي اللغة
العربية
تبتدئ
الجملة
بالكلمة
التي يركز
عليها
المتكلم
اهتمامه
فعندما نقول :
"يُعالِجُ
الطبيبُ
مريضاً"
نُولي
اهتمامنا
إلى العلاج
أكثر مما
نوليه إلى
الطبيب أو
إلى المريض.
فإن
قلنا : «
الطبيبُ
يُعالِجُ
مريضاً » فقد
أولينا
اهتمامنا
إلى الطبيب.
فإن عارضنا
أحد بقوله
: «الطبيبُ
يعالِجُ
مريضةً » ونحن
متأكدون من
أنه مريض لا
مريضة حينئذ
نقول : «
مَريضاً
يعالِجُ
الطَّبِيبُ »
مركزين
كلامنا على "مريض".
وهنا
يأتي دور
الإعراب.
فالإعراب
يلزمنا بأن
نرفع الفاعل
وننصب
المفعول به
فما دام
اللفظ "مريضا"
في الجمل
الثلاث
منصوبا على
أنه مفعول به
فهذا يعني
أنه هو الذي
يقع عليه
العلاج وما
دام اللفظ : «
الطبيبُ »
مرفوعاً في
الجمل
الثلاث على
أنه الفاعل
فهذا يعني في
الجمل
الثلاث أنه
هو الذي
يباشر
العلاج فقد
ركزنا على
العلاج في
العبارة
الأولى
وركزنا في
الثانية على
الطبيب وفي
الثالثة على
المريض من
دون أن يتغير
الإعراب لكن
تغيير وضع كل
كلمة من
الكلمات
الثلاث في
العبارات
الثلاث يعني
تغييراً في
مركز
الاهتمام
وهذه الدقة
في التعبير
لا نجدها في
اللغة
الفرنسية
مثلا. فإن نحن
أردنا أن
نعبر
بالفرنسية
على المعنى
الأول نقول
Le
médecin soigne un malade
. فإن نحن
أردنا معنى
الجملة
الثانية لا
نجد ما نعبر
به سوى
العبارة
الفرنسية
المتقدمة
نفسها لكننا
من أجل إفادة
معنى الجملة
الثالثة
نضطر إلى
إطالة
الجملة بإضافة
كلمات أخرى
على العبارة
فنقول C'est
bien un malade que le
médecin soigne
فبعد ما كانت
الجملة
الفرنسية
مشتملة على
خمس كلمات
أصبحت مركبة
من تسع
كلمات،
بينما لم تزد
كل جملة من
الجمل
العربية
الثلاث على
كلماتها
الثلاث.
وبالإعراب
اجتنبت
اللغة
العربية مثل
هذا التمطيط
وكفلت
للجملة مع
الإيجاز
الدقة في
التعبير
اللذين لهما
قيمة كبرى في
عصرنا هذا
عصر السرعة
والتقنية
الإعلامية
والمعلوماتية.
يقول
الدكتور
محمد أبو
عبده في مقال
بعنوان "مشاكل
التعريب
اللغوية"
نشرته مجلة "اللسان
العربي" في
عددها
التاسع عشر
أمثلة على
إيجاز اللغة
العربية
بمقارنتها
مع الفرنسية
مع دقة
تعبيرها.
فمثلا
كلمة
Passage لا
تفرق بين
مصدر الفعل
وبين مكان
الفعل فنحن
نجد في
المعاجم
الفرنسية :
(1
Passage (action de passer) ;
(2 Passage (lieu de passage)
بينما
اللغة
العربية
بإعرابها
وقدرتها على
الاشتقاق
تميز المصدر
من اسم
المكان
(Lieu) على النحو
التالي
:
(1 مرور
(المصدر
Passage
: (l'action
(2
ممر (اسم
المكان
Passage : (le lieu
وكما لا
تميز
الفرنسية
بين مصدر
الفعل ومكان
وقوع الفعل
فهي أيضا لا
تميز بين
مصدر الفعل
وبين الشيء
الذي هو
موضوع الفعل
فتطلق كلمة
(action d'exporter) Exportation
مثلا
على المصدر
وتطلقه كذلك
على موضوع
الفعل Exportation (Objet exporté) بينما
اللغة
العربية
تحدد
المقصود من
الكلام : فهي
تقول في
المصدر "تصدير"
(action)Exportation
وتقول في
الشيء الذي
هو موضوع
التصدير "صادر" Exportation (objet).
ومن جهة
أخرى لا تفرق
الفرنسية
بين التعدية
(L'action transitive) وبين
المطاوعة
(l'action réfléchie)
فتستعمل
مصدرا واحدا
لهما فتقول
مثلا كلمة
Pollution لهما
معا : بينما
اللغة
العربية
تميز بينهما
بصيغة
التعدية
وبصيغة
المطاوعة.
-
بصيغة
التعدية : "تلويث"
وبصيغة
المطاوعة "
تَلَوُّثُ "
مثلا :
(1
تلويث
الصناعة (التعدية)
Pollution
de l'industrie (action
transitive)
(2
تَلَوُّث
الماء (المطاوعة)
Pollution de l'eau (action réfléchie)
وكذلك في
الأمثلة
التالية :
(1
إيداع (مصدر)
Dépôt (action de déposer)
(2
وديعة (الشيءالمودع)
Dépôt (objet déposé)
(3
مستودع (مكان
الإيداع)
Dépôt (lieu de dépôt)
ثم في
الأرضانية
(Géologie) وفي
الكيمياء
مثل ذلك
:
(1
رسوب (مصدر)
dépôt (action)
(2
راسب (الشيء)dépôt (objet)
(1
إنشاء (مصدر)
Installation (action)
(2
منشأة (الشيء)
Installation (objet)
ويمكننا
أن نورد
آلافا من
الأمثلة
التي يتبين
فيها الخلط
بين المصدر
(L'action) وبين
الشيء
(L'objet)
فاللغة
الفرنسية
تزخر بمثل
هذا الخلط
بين المصدر
وبين الشيء
وبين المكان
(Le
lieu)،
وبين
التعدية (L'action
transitive) وبين
المطاوعة .(L'action
réfléchie)
ويبدو أن
اللغة
الألمانية
على خلاف
اللغة
الفرنسية
تجتنب هذا
الخلط مثل
اللغة
العربية،
وقد تبيّن لي
ذلك عندما
كنت في مقر "السوق
الأوربية
المشتركة"
ببروكسيل
نقوم أنا
والأستاذ
محمد
الخطابي
بترجمة النص
الفرنسي
للاتفاقية
الموقعة بين
المملكة
المغربية
والسوق
الأوربية
المشتركة
إلى العربية
فتوقفنا عند
كلمة "exportation" التي
لم يتضح من
السياق هل
يقصد بها "التصدير"
أو
"الصادرات"
فاستوضحت
ممثل السوق
المشرف على
حركة
الترجمة
فبين لي أن
المقصود "الصادرات"
فانبرى
الممثل
الألماني
قائلا إني
ترجمتها بـ "التصدير"
ثم بادر إلى
تصحيح
ترجمته.
ولا يقتصر
هذا الخلط
على المصدر
بغيره بل إن
اللغة
الفرنسية
تجعل كلمة "Homme" تدل
في آن واحد
على " الرجل "
وعلى
الإنسان فهي
بذلك لا تجعل
للمرأة محلا
في
الإنسانية.
كما لا تجعل
لها حظا في
كثير من
الألقاب
العلمية
والتشريفية
مثلما يتبين
من الأمثلة
التالية
:
فكلمة Le médecin تطلقها
اللغة
الفرنسية
على "الطبيب"
وعلى "الطبيبة"
وكلمة
Le docteur على
الدكتور
وعلى
الدكتورة
وكلمة Le professeur
على
"الأستاذ"
وعلى "الأستاذة"
وكلمة
L'auteur
على
المؤلف و"المؤلفة"
الخ...
وتجتنب
العربية مثل
هذا الغموض
والالتباس
بفضل
الاشتقاق
الذي يجعل
لكل من
المصدر
والمفعول به
والمكان
والتعدية
والمطاوعة
والتذكير
والتأنيث
صيغة يختص
بها لا يشترك
فيها أحدها
مع الآخر.
وهذا يقوم
دليلا على ما
للغة
العربية من
دقة ووضوح
وسعة بفضل
الأوزان
المذكورة
آنفا مصداقا
لما قاله
الكتاب
الأفاضل من
عرب وأعاجم
فيما تقدم من
البحث.
ومن
الأمثلة على
الإيجاز
الذي يوفره
الاشتقاق
للغة
العربية ما
نثبته فيما
يلي حيث
الكلمة
الواحدة
العربية
تؤدي
الفرنسية
معناها
بأكثر من
كلمة :
(1
تَجَاهَلَ
Faire
l'ignorant
(2
تَمَارَضَ
Faire
semblant d'être malade ou
Feindre la maladie
(3
رَتَّبَ Mettre en ordre
(4
حَارَبَ Faire la guerre
(5
أغضبه Mettre quelqu'un en colère
(6
استحسن Trouver beau
|