(بسم الله / الاستقبال / في اللغة /مع المعجم الوسيط في طبعته الثانية (1

 مع المعجم الوسيط

في طبعته الثانية *

(1)

 

عِبَاد " جمع من جموع " عَبْد "

في مادة " عبد " عند ذكر " المعجم الوسيط " لمختلف الجموع الواردة في اللغة لكلمة  " عبد " لم يثبت الجمع التالي الوارد  في اللغة : " عِبَاد " الذي أورده الفيروزبادي صاحب  " القاموس المحيط " مع كون أصحاب " المعجم الوسيط " نقلوا عنه شرح كلمة " عبد " بالحرف ونصه :  " الإنسان حرا كان أو رقيقا ".

    ونحن نأسف لإغفال مجمع اللغة العربية بالقاهرة جمع " عِبَاد " الذي هو أكثر شيوعا وأكثر تداولا من غيره من الجموع لا سيما وقد تكرر ذكره في القرآن الكريم سبعا وتسعين مرة ضمن 97 آية بينما لم ترد كلمة " عَبِيد " في القرآن إلا خمس مرات. ومن الآيات التي نصت على كلمة " عباد " آيتان اشتملتا على المفرد وجمعه أي على " عَبْد " و" عِبَاد " في آن واحد وذلك ضمن الآية 65 في سورة الكهف وهو قوله تعالى : {فوجدا عبدا من عبادنا آتيناهُ رحمة من عندنا} وضمن الآية 10 في سورة التحريم وذلك قوله سبحانه : { كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما }.

    فالأمانة العلمية تقضي بالعمل على تدارك هذا الإغفال الخطير عند إخراج الطبعة الثالثة بدون أيما اعتبار.

    ثم إننا نتعجب من كون المجمع لم ينتبه لما في شرح "عبد" الذي نقله بالحرف عن "قاموس" الفيروزبادي من تناقض واضح ومن خلوه من كل دلالة فهو بشرحه الكلمة "عبد" بـ "الانسان حرّاً كان أو رقيقا" أزال كل معنى للعبد وكل معنى للحر فمن المعلوم بالبداهة أن "العبد" هو ضد "الحرّ" وأن "الحر" ضد العبد، وإذا كنا نلتمس العذر للفيروزبادي الرجل الصوفي الذي كان في معية الله دائما لأنه يقصد به أن "العبد" و"الحر" كلاهما عبد لله فإننا لا نجد عذراً في ذلك لمؤلف أي معجم في القرن العشرين(1) .

ليست " المداهنة " هي " المداراة "

    في مادة " دهن " جاء في شرح " المعجم الوسيط " لفعل " داهنه " ما يلي : "داراه ولاينه ".

    وكل من له إلمام باللغة العربية واطلاع ولو يسير على الأحاديث النبوية وعلى ما وصلنا من الآثار يعلم أن المداراة فضيلة يامر بها الشرع وأن " المداهنة " رذيلة منهي عنها ويأباها الطبع الكريم. فالمداراة تصدر عن الحصافة والرزانة والتَّبَصُّر.

    والمداهنة لون من ألوان النفاق والخداع فقد جاء في الأثر " رأس الحكمة  بعد مَخَافَةِ الله مداراة الناس " كما ورد في الأثر أيضا " داروا سفهاءَكُمْ ".

    فكيف يسوغ أن تكون الرذيلة مرادفة للفضيلة ؟ !

    وقد نص على الفرق بينهما شيخ الإسلام سيدي محمد العربي ابن السائح في كتابه " بغية المستفيد لشرح منية المريد " بقوله رضي الله عنه : « وتشتبه المداراة بالمداهنة والفرق بينهما أن المداراة ما أردت به صلاح أخيك فداريته رجاء إصلاحه واحتملت منه ما تكره. والمداهنة ما قصدت به شيئا من الهوى كطلب حظ وإقامة جاه فالأولى من أخلاق الأخيار والثانية من سمات الأشرار.«

    وأورد ابن منظور في معجمه (لسان العرب) في مادة "دهن" ما يلي بنصه :

   " - والمداهنة والادهان : المصانعة واللين. وقيل : المداهنة إظهار خلاف ما يضمر والادهان : الغش ودهن الرجل إذا نافق. ودهن غلامه : ضربه... الجوهري : والمداهنة والادهان كالمصانعة. وفي التنزيل العزيز { وَدُّوا لو تدهن فيدهنون } وقال قوم : داهنت بمعنى واربت. وأدهنت : بمعنى غششت. وقال الفراء : معنى قوله عز وجل : { ودوا لو تدهن فيدهنون } : ودوا لو تكفر فيكفرون. وقال في قوله : {أفبهذا الحديث أنتم   مدهنون} : أي مكذبون. ويقال : كافرون. وقوله : { ودوا لو تدهن فيدهنون } أي ودوا لو تصانعهم في الدين فيصانعوك. اللين : الادهان : اللين. والمداهن : المصانع... وقال بعض أهل اللغة معنى داهن وأدهن : أي أظهر خلاف ما أضمر فكأنه بَيَّنَ الكذب على نفسه" (اهـ).

    - وأورد ابن منظور كذلك في مادة " المداراة " ما يلي بنصه : " والمداراة : في حسن الخلق والمعاشرة مع الناس : المداجاة والملاينة ومنه الحديث : (رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس)، أي ملاينتهم وحسن صحبتهم واحتمالهم لئلا ينفروا عنك. ( وداريت الرجل : لاينته ورفقت به.)" (اهـ).

    وبإمعان النظر في شروح ابن منظور نجد أن لفظ " المداراة " لم يرد ولا مرة واحدة ضمن مختلف شروح المداهنة كما أن لفظ " المداهنة " لم يذكر قط ضمن شروح " المداراة ".

    وفي ذلك وفي غيره مما تضمنته الشروح من معاني ودلالات تأييد وتأكيد للتفرقة بين  " المداهنة " و" المداراة " التي نص عليها جهبذ العلماء، ونابغة الشعراء والأدباء، المربي الناصح، والولي الصالح، سيدي محمد العربي ابن السائح، رضي الله عنه وأرضاه ورضي عنا به آمين.

    فنرجو من مجمع اللغة العربية بالقاهرة أن يتدارك هذا الخلط وألا يشرح في الطبعة الثالثة لـ  " المعجم الوسيط " كلمة " داهنه " بـ " داراه " ولا "المداراة" بـ " المداهنة ". فإن مثل هذا الشرح حتى ولو جاز صدوره عن معجم من المعاجم اللغوية القديمة التي كانت تأتي بالشروح على وجه التقريب لا بقصد التحديد والضبط فإنه لا يسوغ وروده في أي معجم لغوي حديث لا سيما إذا كان صاحب هذا المعجم هو " مجمع اللغة العربية " بالقاهرة الذي أُولَى مَهَامِّهِ تحقيق وتدقيق دلالة المفردات والمصطلحات.

" المِدلجة " (بكسر الميم) لا (المَدلجة) (بفتحها(

هي العلبة التي ينقل فيها اللبن أو الماء

    في مادة " دلج " كرر " المعجم الوسيط " في طبعته الثانية خطأه في شرح كلمة " مَدلجة " (بفتح الميم) الوارد في طبعته الأولى ونصه : "المَدلجة : المَدلج وكناس الوحش. والعلبة الكبيرة ينقل فيها اللبن". وقد سبق لنا أن نبهنا على هذا الخطإ في العدد الثاني من مجلة " اللسان العربي " بقولنا : أورد المعجم ضمن شرحه لكلمة " مَدلجة " (المفتوحة الميم) ما يلي : " العلبة الكبيرة ينقل فيها اللبن " والصحيح أن هذا المعنى هو مدلول الكلمة " مِدلجة " (المكسورة الميم) كما ينص عليه " أقرب الموارد " و" تاج العروس " و" أساس البلاغة ".

    واليوم نضيف إلى استشهادنا بالمعاجم الثلاثة المذكورة نص ما أورده الفيروزبادي صاحب " القاموس المحيط " في مادة " دلج " من شرح لكلمتي " مَدلجة " المفتوحة الميم و" مِدلجة " المكسورة الميم وذلك قوله : "... والدالج الذي يأخذ الدلو ويمشي  به من رأس البئر إلى الحوض ليفرغها فيه وذلك الموضع " مَدْلج " و" مَدلجة " (بفتح الميم في كلتيهما)... وكمِكنسة (بكسر الميم) : العلبة الكبيرة ينقل فيها اللبن. وكمَرتبة (بفتح الميم) : كناس  الوحش " اهـ.

    ثم إنّ "المعجم الوسيط" بتمسكه بذلك الشرح الخاطئ لكلمتي : "مَدْلجة" و"مِدْلَجَة" الذي يخالف فيه إجماع المعاجم العربية كلها قَدِيمِها وحديثها بدون استثناء، يخالف حتى القواعد الصرفية. فكل من له إلمام بالقواعد الصرفية يعلم أنَّ "مَفْعَلَة" بفتح الميم صيغة لإسم المكان فَـ "مَزْرَعَة" تعني مكان الزرع كما تعني "مَدْرَسَة" مكان الدراسة وأن "مِفْعَلَة" بكسر الميم صيغة لإسم الأداة أو الآلة فَـ "مِكْنَسَة" تعني أداة يكنس بها و"مِسْطَرَة" أداة يسطر بها. فنرجو من المجمع المبادرة بالإصلاح.

    وكما نأخذ على " المعجم الوسيط " عدم تفريقه بين المفردتين "المَدلجة" (المفتوحة الميم) و"المِدلجة" (المكسورة الميم) نأخذ عليه إغفاله هذه الأخيرة بالمرة.

    ولذلك نرجو من مجمع اللغة العربية بالقاهرة عند إخراجه الطبعة الثالثة لـ "المعجم الوسيط " :

    (1 أن يصحح شرحه لكلمة " مدلجة " (المفتوحة الميم) كما يلي :

    - المَدْلَجَة والمَدلَج : ما بين الحوض والبئر الذي يمشي فيه الدالج بالماء.

    - المَدلجة والمدلج : كناس الوحش.

    (2 أن يثبت المفردة " مِدلجة " المكسورة الميم على النحو التالي :

    - المِدلجة : العلبة الكبيرة ينقل فيها اللبن أو الماء.

 المستوَى  =  Niveau

     أصر المعجم على إغفال كلمة " مستوى " (بفتح الواو) إسم مكان من "الاستواء " التي تقابل اللفظ الفرنسي " Niveau " رغم تنبيهنا على هذا الإغفال في العدد الثاني من مجلة " اللسان العربي " بصدد ملاحظتنا على الطبعة الأولى. ولذلك نلح على ضرورة إثباته في الطبعة الثالثة مع الشرح التالي الوارد قبالة اللفظ الفرنسي المذكور الذي ننقله مترجما عن معجم " بول روبير " الصغير :

    - المُسْتَوَى : درجة ارتفاع خط أو سطح بالنسبة لسطح أفقي يوازيه. وبالمجاز : المستوى التعليمي، أو المستوى الثقافي : درجة العرفان أو الثقافة.

    - مستوى الحياة : مجموع الأمتعة والخدمات التي يساعد على تحصيلها أو اكتسابها الدخل الوطني المتوسط.

  " كفه " عن الأمر : صرفه ومنعه

    في مادة " كفف " أغفل المعجم عند شرحه فعل " كف " معنى : " كفه عن الأمر : صرفه ومنعه " الذي نصت عليه أمهات كتب اللغة ونخص منها بالذكر " لسان العرب " لابن منظور و" أساس البلاغة " للزمخشري و" أقرب الموارد " الخ... وقد تكرر هذا الاغفال في الطبعة الثانية مع أننا نبهنا عليه بصدد ملاحظاتنا على الطبعة الأولى المنشورة في العدد الثالث من مجلة " اللسان العربي " الصادر في غشت من السنة 1965.

مادتا " ذوف " و" ذيف "

     أصر المعجم على إغفال مادتي " ذوف " و" ذيف " رغم تنبيهنا عليه في العدد الثالث من مجلة "اللسان العربي". ونعيد التذكير بمفرداتها التي ننقلها عن (لسان العرب) لابن منظور فيما يلي : الذوف : مشية في تقارب وتفحج.

    الفعل : ذاف، يذوف قال :

       رأيت رجالا حين يمشون فَحَّجُوا      وذافوا كما كانوا يذوفون من قبل

    الذوفان : الذوفان

    الذئفان بالهمزة والذِّيفان بالياء والذَّيفان بكسر الذال وفتحها والذواف كله الناقع وقيل القاتل يهمز ولا يهمز... وأنشد ابن السكيت لأبي زجرة :

وإذا قطمتهم قطمت علاقما      وقواضي الذيفان فـيمن تقـطم

    ..." ابن الأثير في حديث عبد الرحمن بن عوف :

يفديهم، وودوا لو سقوه      من الذيفان مترعة الملايا

   ..." وحكى اللحياني : (سقاه الله كأس الذَّيفان) : بفتح أوله " وهو الموت ".

" المبزغ " و" المشرط " و" المبضع " و" المفصد "

    - أبقى المعجم على الغموض والفراغ في شرح كلمات " المِبْزَغ " و" المِشْرَط " و"المِبْضَع " و"المِفْصَد " التي فسَّر بعضَها ببعض ويؤسفنا أنه لم يأخذ بعين الاعتبار ملاحظاتنا والشروح التي اقترحناها لهذه المفردات في العدد الثالث من مجلة " اللسان العربي".

" المِرْهَم " - " الحَرَج " -  " الصَّنّ "

    - لم يتدارك المعجم إغفاله الكلمة " مرهم " التي نبهناه عليها بصدد طبعته الثانية في العدد الثالث من مجلة "اللسان العربي" مع افتقار الاصطلاح الطبي إليها.

    كما لم يتدارك إغفال كلمتي : "حرج" بمعنى ما ينقل عليه الجريح والمريض إلى المستشفى وكذلك كلمة "الصَّنّ" التي سبق لنا أن نبهناه عليها مع إثباتنا شرحها الوارد في أمهات المعاجم.

تَباب

    - في مصادر فعل "تَبَّ" ذكر تِباباً بكسر التاء ولم يذكر تَباباً بفتح التاء الوارد في قوله تعالى {وما كيد فرعون إلاّ في تَبَاب } (الآية 37 من سورة غافر(.

 ) هذه الفقرة أضفناها بعد صدور البحث في مجلة "اللسان العربي" ولم نثبتها فيه (المؤلف)