منذ
أيام، بدأت
بعض شاشات
التلفزة في
المشرق
العربي تطلع
علينا
بعبارات
مكتوبة
ومسموعة من
قبيل
العبارات
التالية : "
الأستاذ
فلانة "، "الدكتور
فلانة "، "
المدير
فلانة "، "
العميد
فلانة " وهلم
جرا، بحذف
تاء التأنيث
التي هي رمز
معبر عن هوية
الأنثى،
ولقد فعل
الحاذفون
لهذه التاء
فعلتهم هاته
بدافع
التقليد
لبعض اللغات
الأوربية
ومنها على
الخصوص
اللغة
الفرنسية
التي كانت
إلى وقت قريب
جدا تستعمل
الألقاب
العلمية
والإدارية
والشرفية
بصيغة
المذكر
للرجل
وللمرأة على حد سواء
مثل "Le
Professeur" (الأستاذ)
" Le Docteur " (الدكتور(
"LeMinistre" (الوزير) ،
ونقول إلى
وقت قريب جدا
لأننا بدأنا
نسمع ونقرأ
العبارة
التالية) " Madame la Ministre " السيدة
الوزيرة) وقد
بدأ هذا
التراجع إثر
احتجاج نخبة
من المثقفات
الفرنسيات
على استعمال
صيغة المذكر
في حقهن إذ
يرون فيه
إنكاراً
لاستقلال
وجود المرأة
عن وجود
الرجل، ولأن
ذلك
الاستعمال
المُهْدِرَ
لِهُوِيَّة
الأنثى هو من
رواسب عقلية
أقوام
القرون
الوسطى في
أوربا
الخاضعة
لسلطة
الكنيسة
التي كانت
تنكر انتماء
المرأة لجنس
الانسان
فبعد
اجتماعات
كثيرة
لرجال
الكهنوت
للنظر في
ماهية
المرأة
قرروا
أخيراً بأن
المرأة هي
شيطان في
صورة إنسان.
ولذلك بقي في
اللغة
الفرنسية
حتى الآن لفظ
" Homme " يعني
الرجل ويعني
الانسان في
نفس الوقت.
لأنهم كانوا
يعتبرون أن
الرجل هو
الانسان وأن
الانسان هو
الرجل وأن
المرأة لا حظ
لها ولا محل
لها في
الانسانية،
وبعد النهضة
الأوربية تم
التراجع عن
الاعتقاد
الخاطئ في
حقيقة
المرأة
فظهرت عبارة
"الكائن
الانساني" "L'ĂȘtre humain" التي
تستعمل على
الأخص في
السياق الذي
يخاف فيه
الالتباس من
استعمال لفظ "Homme".
وتبعة
لذلك
الاعتقاد
الذي كان
يحرم المرأة
من
إنسانيتها
كانت المرأة
محرومة من
التعلم
والتعليم
فلم يكن لها
الحق ولا
الفرصة
للوصول إلى
المناصب
العلمية
والادارية
مثل
الاستاذية
والدكتورة
والوزارة
فلم تكن
اللغات
الأوربية في
القرون
الوسطى
بحاجة إلى
إيجاد صيغة
التأنيث
لهذه
المناصب
التي بقيت
إلى عصرنا
هذا بصيغة
المذكر.
ونحن
من دون أن نصف
هذا التقليد
بالأعمى ولا
بالأعمه
نقول إن
التذكير في
محل التأنيث
وفي غير ما
ورد من كلام
العرب
نَشَازٌ
ومسخ للغة
الضاد وهدم
لبنيتها
وتلاعب
بقواعدها
النحوية
والصرفية.
ونذكر هؤلاء
الإخوان
المستعملين
التذكير محل
التأنيث أن
اللغة
العربية
ليست ملكاً
لهم خاصّاً
بهم يمكنهم
أن يفعلوا
بها وفيها ما
شاءت لهم
أهواؤهم بل
أن لغة الضاد
هي ملك للأمة
العربية
جمعاء ولا
نعني بالأمة
العربية
مجموعة
الشعوب
العربية
الكائنة
حاليا بل
نعني بها
جميع
الأقوام
العربية من
عهد عدنان
على الأقل
إلى يومنا
هذا.
أجلّ،
إن العرب قد
حذفوا تاء
التأنيث في
بعض ألفاظهم
ولكن حذفوها
فيما تختص به
المرأة دون
الرجل
فقالوا مثلا
" امرأة حامل
" إذا كان لها
جنين لأن
الْحَمْلَ
بفتح الحاء
تختص به
المرأة دون
الرجل فلا
خوف إذن من
الالتباس
وهي تشترك
معه في
"
الحِمْل
" بكسر الحاء
الذي يعني
مجرد الحمل
غير حمل
الجنين فإذا
كانت المرأة
تحمل ولدها
أو شيئا آخر
على ظهرها أو
في يدها فهي
حاملة وليست
بحامل وكذلك
الشأن في
بقية
الأوصاف
الخاصة
بالنساء مثل
"مُرْضِع " و"
نَاهِد "
للتي نهد
ثديها أي نتأ (بدأ
في الظهور) و"كاعب"
للتي كَعَّب
ثديها أي
اتخذ شكل
مكعب و" حائض
" للتي بها
حيض. وذلك كله
عملا
بشعارهم "
خير الكلام
ما قل ودلّ ".
أَجَلّ،
هناك صيغة "فَعول"
يشترك فيها
المذكر
والمؤنث مثل :
"عَجوز" و"غَضوب"
ولكن ذلك سمع
عن العرب ولا
يسُوغ لنا أن
نقيس عليه.
فالعرب
مثلما
يختصرون
اللفظ بحذف
بعض حروفه
ويسمونه
الترخيم : "صَاحِ "
يعنون به " يا
صاحبي "
يختصرون بعض
العبارات
مثل "البسملة"
يعنون بها "
باسم الله " و"
الحمدلة" "
الحمد لله " و"
الهيللة " : "
لا إله إلا
الله " و"
الحيعلة " : "
حَيَّ على
الصلاة " و"الحسبلة"
: "
حسبي الله "
الخ... وجريا
على شعارهم
المذكور
استعملوا
ألفاظا
صغيرة
للدلالة على
عبارات
طويلة مثل : "
صَهْ " (بالسكون
وبلا تنوين)
يعنون به : "
دَعْ حديثك
هذا لا تمض
فيه " و " صَهٍ
" (بالتنوين)
يعنون به :
" دَعْ
كُلَّ حديث
ولا تتكلم "
وكذلك "مَهْ"
و " مَهٍ "
يعنون به "
اكفف عن هذا
العمل " أو "
عن كل عمل ".
وكذلك حذفهم
للجملة
الخبرية إذا
كان مبتدأها
يفهم منه
الخبر وذلك
مثل قوله
تعالى : { ولو
أن قرآنا
سيرت به
الجبال أو
قطعت به
الأرض أو كلم
به الموتى } (الرعد
31) فالعربي
عندما يسمع
هذه الجملة
يفهم منها
تتمتها
بسليقته
وتتمتها هي : "
لكان هذا
القرآن "
ولكن غير
العربي
ينتظر أن
يسمع بقية
الكلام
ولذلك كان
لزاما على من
يترجم
القرآن أن
يضيف في
ترجمته ما
يفهمه
العربي
بسليقته.
وإلا لما كان
لترجمته
معنى، ومن
أمثلتهم "
إذا فهم
المعنى فلا
فائدة في
الكلام ".
فنطلب
من
المشرفين
على تلك
المحطات أن
يعدلوا عن
استعمال
التذكير في
محل التأنيث
ونقول لهم
إذا كانوا
يقصدون به
التقدم
باللغة فهو
على الحقيقة
هدمٌ و تحامل
على لغة
الضاد التي
سلمت حتى
الآن من
رواسب
العقلية
الأوربية
السائدة في
القرون
الوسطى
واعتساف بها
وإكراه لها
على التعبير
عن مفهوم
جاهلي متخلف
للمرأة وليد
العقيدة
القائلة بأن
المرأة
شيطان في
صورة إنسان.
لكن
اللغة
العربية
التي حفظها
الله من آثار
جهالة
العقلية
الأوربية في
القرون
الوسطى من
حقها أن تبقى
سليمة من تلك
الآثار التي
ظلت في معزل
عنها حتى
الآن ومن
الظلم لها أن
نحملها
أوزار
ونقائص
غيرها من
اللغات. ولا
يفوتنا في
هذه العجالة
أن نهيب
بالمشرفين
على محطاتنا
الإعلامية
التي اعتادت
أن تقلد
محطات الشرق
في عيوبها أن
تحترز من
الوقوع في
هذا الخطأ
الشنيع الذي
لا مبرر له
ولا داعي له
ولا معنى له
غير مسخ لغة
الضاد التي
هي لغة
القرآن
الكريم.
ونهيب
بمثقفاتنا
ألا يكنَّ
أقل غيرة على
ذاتيتهنَّ
من المثقفات
الفرنسيات
وألا يَقبلن
إهدار
أنوثتهن
وألا يترددن
في تصحيح
الخطأ كلما
قُدِّمَتْ
إحداهن في
إحدى
المحطات
بلقب
" أستاذ "
أو " دكتور "
أو " عميد " الخ
وأن يصررن
على أن يقدمن
بلقب "أستاذة" أو "
دكتورة " أو "
عميدة " أو "مديرة " إلى
غير ذلك.
فهدانا الله
وإياهن إلى
حسن القول
وإلى تقويم
اللسان
وتهذيب
الكلام.
|