بسم الله / الاستقبال / في اللغة /تصحيح أخطاء شائعة

تصحيح أخطاء شائعة

 

"بينما" و "فيما"

سلّطت " فيما " على " بينما " فَنَفَتْها فلم نعد نسمع لهذه الأخيرة ذكرا ولم نعد نشعر لها بوجود، مع أنّ اختلافا كبيرا بين دلالتي الكلمتين، لا يسمح بأيّ حال أن تحل "فيما" محل "بينما ". فهذه الكلمة الأخيرة (بينما) كما نصّت عليه كتب اللغة تستعمل لإفادة المفاجأة، على عكس الكلمة " فيما " التي لم تستعمل قط لتأدية معنى المفاجأة طوال تاريخ حياة اللغة العربية حتى أيامنا هذه حينما فاجأنا المتعسفون باستعمالها محل " بينما " وبدلا منها. وهو استعمال تنكره اللغة ولا تجيزه بتاتا.

فممّا جاء في ( لسان العرب) لابن منظور في مادة " بين : "

"... ويقال بينا وبينما وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة ... وفي الحديث : " بينا نحن عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل... " ومنه قول الحرقة بنت النعمان :

" بينا نسوس الناس والأمر أمرنا    إذا نحن فيهم سوقة نتنصّف "

وقال القطامي :

" فبينا عمير طامح الطرف يبتغي    عبادة إذ واجهت أصحم ذا خثر"

وقول أبي داود :

" بينما المرء آمن راعه را    ئع حتف لم يخش منه انبعاقه"

وفي شرح كلمة " بين " ورد في " المعجم الوسيط " الذي أصدره " مجمع اللغة العربية بالقاهرة ما يلي : "... وقد تزاد عليها الألف أو " ما " فتصير "بينا" و"بينما" وتكون ظرف زَمَانٍ بمعنى المفاجأة. ولها صدر الكلام " هـ.

فلفظ " ما " في " بينما " زائد يمكن الاستغناء عنه بينما هو في " فيما " إسم موصول يعني " الذي " ولا يمكن الاستغناء عنه. قال تعالى : { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } (الآية 93 سورة المائدة) وقال تعالى : { الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون } (الآية 69 سورة الحج).

لا، لا، ثم لا

لِـ "سوف لن" ولـِ "سوف لا"

شاع في السنين الأخيرة استعمال " سوف لا " و " سوف لن " مع الفعل المضارع لإفادة نفي الفعل في المستقبل، وهو خطأ فظيع للاعتبارات التالية :

" (1 سوف " مثلها مثل السين المتصلة بالفعل المضارع في مثل قولنا "ستنجح " أو" سوف تنجح "، لا ينبغي أن يفصلها فاصل عن الفعل المضارع فكما أننا لا يمكننا أن ندخل أداة من أدوات النفي على العبارة "ستنجح " فكذلك لا يمكن إدخال النفي على العبارة "سوف تنجح" والفرق بينهما في المعنى أن عبارة " ستنجح " يراد بها وقوع النجاح في أمد أقرب من الأمد الذي تفيده " سوف تنجح " وذلك حسب البصريين.

 (2 وقوع النفي في المستقبل الذي يقصده القائلون " سوف لا " أو " سوف لن " تفيده " لن" وحدها مقترنة بالفعل المضارع مثل العبارة التالية " لن تخسر " أو "لن تخفق" بدون حاجة إلى إضافة " سوف " التي لا تكون مع النفي بل تكون لزاما مع الإثبات.

فمما يتعلمه التلاميذ في المدارس الابتدائية أن النفي في الزمان الماضي تفيده الأداة " لم " متصلة بالفعل المضارع، وأن النفي في الزمان الحاضر تفيده الأداة " لا " متصلة بالفعل المضارع، وأن النفي في الزمان المستقبل تفيده الأداة " لن " وحدها متصلة بالفعل المضارع.

" (3 سوف " اشتق منها فعل " سَوَّفَ " سوَّفه، يُسَوِّفُه تسويفا " بمعنى قال له : "سوف أفعل" بمعنى وعده بفعل شيء يطلبه منه أو ينتظر منه وقوعه، لا نفي وقوعه.

 (4 لم يسمع بعبارة " سوف لا " ولا " سوف لن " إلا في السنين الأخيرة ولا نجد أثرا لأيتهما في كلام العرب بتاتا، لا في أشعارهم ولا في خطبهم، ولا في القرآن الكريم، ولا في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا فيما كتبه الكتاب قديما أو حديثا، وذلك لأنهما غير صحيحتين، ومخالفتان لما نصت عليه أمهات كتب اللغة، كما نستشهد عليه فيما يلي :

 - في " لسان العرب " لابن منظور : " سوف : كلمة معناها التنفيس والتأخير " قال سيبويه : " سوف كلمة تنفيس فيما لم يكن بعد، ألا ترى أنك تقول : "سوّفته " إذا قلت له مرة بعد مرة " سوف أفعل " ولا يفصل بينها وبين "أفعل " لأنها بمنزلة السين في " سيفعل " وقال " ابن جنّي : وهو حرف، واشتقوا منه فعلا فقالوا "سوّفت الرجل تسويفا" ا هـ.

 - في " تاج العروس من جواهر القاموس " لمحمد مرتضى الزبيدي : سوف معناه "الاستئناف، أو كلمة تنفيس فيما لم يكن بعد كما نقله الجوهري عن سيبويه، قال : "ألا ترى أنك تقول سوّفته إذا قلت له مرة بعد مرة " سوف أفعل" ولا يفصل بينها وبين أفعل، لأنّها بمنزلة السين في " سيفعل " وقال ابن دريد " سوف " : كلمة تستعمل في التهديد والوعيد والوعد فإذا شئت أن تجعلها إسما نوّنتها ... ومن المجاز يقال : " فلان يقتات السوف " : أي يعيش بالأماني ". ا هـ"

 - في " مغني اللبيب عن كتب الأعاريب " لجمال الدين بن هشام الأنصاري : " سوف مرادفة للسين أو أوسع منها (على الخلاف يعني الخلاف في مدة الاستقبال في "السين" وفي سوف) ومعنى قول المعربين فيها " حرف تنفيس " : حرف توسيع وذلك أنّها نقلت المضارع من الزمن الضيق -وهو الحال- إلى الزمن الواسع وهو الاستقبال..." اهـ.

-         في " المعجم الوسيط " لمجمع اللغة العربية بالقاهرة : "سوف : حرف مبنيّ على الفتح، يخصّص أفعال المضارعة للاستقبال، فيرد الفعل من الزمان الضيق وهو الحال إلى الزمان الواسع وهو الاستقبال. وهو يعني : " سأفعل " وأكثر ما يستعمل في الوعيد. وفي التنزيل العزيز : كلاّ سوف تعلمون، ثم كلاّ سوف تعلمون ". وقد يستعمل في الوعد. وفي التنزيل العزيز " ولسوف يعطيك ربك فترضى ". هـ.

ملاحظات

الصواب

الخطأ

استشار فعل يتعدى بنفسه "استجواب" هو مصدر "استجوبه" أي طلب أن يجيبه مثل "استفهمه" فهو يتعدى بنفسه مثل ""استشاره

استشارهم استجواب مدير

استشار معهم استجواب مع مدير المعمل

المعجبون هو اسم مفعول من أعجب به على صيغة المبني للمجهول

المعجبون والمعجبات بفلان

معجبو فلان ومعجباته

نكاد لا نجد في الصحف ولا نسمع في الإذاعة كلمة "التعلم " التي طغت عليها كلمة "التعليم" فحلت محلها عسفا

تَعَلُّم

(تعليم (مصدر تَعَلَّمَ

مادة " ساح " "يسيح" يائية وليست واوية فلا يجوز جمع "سائح" على "سواح"

سُيَّاح

سواح

اسم مذكر يستعمل على سبيل الاستعارة وليس صفة فلا يصح تأنيثه. وذلك مثل قولنا للذكر وللأنثى "هذا أو هذه عضدي الأيمن" فالعضد مذكر لا يلحقه التأنيث لأنه اسم مستعمل على سبيل الاستعارة.

عضو

عضوة للمرأة

 

استبدل وتبدل

كثيرا ما تستعمل كلمتا " استبدل " و" تبدل " في عصرنا هذا استعمالا يجعلهما تعنيان عكس ما يقصده بهما كاتبهما كما يتبين من الأمثلة التي نوردها في آخر هذه الكلمة، وقد شاع هذا الخطأ حتى كاد أن يكون مطلقا وحتى كان حقيقا بالكاتب أن يتردد في الإتيان بهما على الوجه الصحيح لولا أن ذكرهما في كتاب الله بصدد تقرير الإيمان والكفر والحق والباطل يحتم على المومن أن يأخذ في استعمالهما بالوجه الصحيح مهما كان الأمر.

ولتقويم هذا التحريف نرى لزاما علينا وعلى كل كاتب يخاف على قارئه إساءة الفهم أن ينبه إلى المعنى الصحيح بالتذكير بالقاعدة التالية على هامش الكتاب : (المفعول به هو المرغوب فيه والمجرور هو المرغوب عنه). مثل ما فعل أصحاب (المعجم الوسيط) في شرح كلمة "بدل" إذ قالوا « وبدل بالثوب القديم الثوب الجديد بإدخال الباء على المتروك«.

«  وفيما يلي نستشهد الآيات القرآنية التالية :{ وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟. اهبطوا مصرا فإن لكم ما  سألتم } (سورة البقرة).

{ ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل }. (البقرة).

{ وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا} (النساء).

{ إِلاَّ تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير } (سورة التوبة).

{ وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتموا إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا } (سورة النساء).

مديرون لا مدراء

شاع في المشرق منذ عقود من السنين ( ونحن في المغرب على الأثر) استعمال لفظ "مُدَرَاء" جمعا لكلمة " مُدِير " بدلا من " مُدِيرِين "، فلفظ " مدير " هو إسم الفاعل من "أدار يدير إدارة " ومادته هي   " دَوَرَ " و" أدار " هو فعل مزيد رباعي مهموز، وهو على وزن "أَفْعَلَ " وإسم فاعله " مدير " على وزن " مُفْعِل " وهي الصيغة الوحيدة لإسم الفاعل من الفعل المزيد الرباعي المهموز، ولا يجمع إلا جمعا مذكرا سالما يأتي في حالة الرفع على صيغة " مُفْعِلون " ويأتي في غير حالة الرفع على صيغة " مُفْعِلين ".

ولفظ " مُدَراء " جمع تكسير، مفرده " مَادِرٌ " إسم الفاعل من فعل " مَدَرَ " بفتح الدال ومن فعل " مَدِرَ " مكسور الدال وكلا الفعلين مجرد ثلاثي. فلفظ "مُدَرَاء " جمع لـ " مَادِر " مثل " عُقَلاء " جمع " عاقل " و" علماء " جمع "عالم" و" جهلاء " جمع " جاهل " الخ...

 - فعل " مَدَرَ " بفتح الدال معناه كما شرحه " المعجم الوسيط " الذي أخرجه "مجمع اللغة العربية " بالقاهرة وكما هو في (لسان العرب) لابن منظور وفي غيره من أمهات المعاجم : " مَدَرَ الحَوضَ يَمْدُرُهُ (بضم الدال) مَدْرًا سدّ خلال حجارته بالمَدَرِ " (أي الطين اللَّزِج المتماسك) فإذا اعتبرنا لفظ " مُدَرَاء " جمعا لإسم الفاعل من "مَدَرَ " المفتوح الدال يكون معنى" مُدَرَاء " : "المطيـّنون للحوض " وهو معنى بعيد عن المدير وعن الإدارة.

- وفعل " مَدِرَ " بكسر الدال شرحه " المعجم الوسيط " المذكور كما يلي : "مَدِرَ يَمْدَرُ " على وزن " لَعِبَ يَلْعَبُ " ضَخُمَ بطنُه وانتفخ جنباه. ومَدِرَ الصَّبِيُّ وغيره تَغَوَّطَ في ثيابه. ومَدِرَ : غَلَبَهُ الغَائطُ فَعَجَزَ عن حَبْسِهِ "ومَدِرَ الضَّبُعُ : اغْبَرَّ جَنْباهُ من المدَر فهو أَمْدَرُ وهي مَدْرَاء".

وهذه كلها معان بعيدة كل البعد عن معنى " المدير " وعن مفهوم الإدارة.

فالجهل بتصريف الأوزان هو الذي أوقع في هذا الخطإ الفاحش من طَلَعَ على الناس لأول مرة بلفظ " مُدَرَاء " جمعا لـ " مدير " منساقا مع " وزراء " جمع " وزير " و" أمراء " جمع " أمير " ظنا منه أن وزن " مدير " هو وزن " وزير " و"أمير " غير مُفَرِّقٍ بين " مُفْعِل " و" فَعِيل ".

تَجْرِبة وتَكْلِفة

لقد شاع في أيامنا هذه استعمال لفظ " تَجْرُبة " بضم الراء مصدرا لفعل "جَرَّبَ " بدلا من " تَجْرِبة " بكسر الراء، كما شاع استعمال لفظ "تَكْلُفَة" بضم اللام مصدرا لفعل "كَلَّفَ" بدلا من كسرها، وكما شاع لفظ " تجَاَرُب " بضم الراء (بدلا من كسرها) جمعا لـ "تجَرْبِة". وننصح الذين يستعملون "تَكْلُفَة" أن يستعملوا بدلها "كُلْفَة" فهي فصيحة وتؤدي نفس المعنى وأخف في النطق.

مُزْدَوِج - مختلِط - ممتنِع - مختلِف - ممتزجة - مُسَجِّلَة

لقد شاع بين الناس وحتى المثقفين منهم - كما سبق أن لاحظ ذلك أيضا الأستاذ محمد الفاسي رحمه الله - استعمال صيغة المفعول مكان صيغة الفاعل لكثير من الأسماء وذكر منها رحمه الله الألفاظ التي في عنوان هذه الفقرة.

لقد شاع - حقاً - النطق بمزدوَج بفتح الواو مكان مزدوِج بكسرها ومزدوِج هو اسم الفاعل من فعل ازدوج. وشاع مختلَط مكان مختلِط اسم الفاعل من اختلط ومختلَف مكان مختلِف اسم الفاعل من اختلف وممتَزَجَة مكان ممتزِجة اسم الفاعل من امتزج ومُمْتَنَع مكان ممتنِع اسم الفاعل من امتنع ومسجَّلَة مكان مُسَجِّلَة اسم الفاعل من سَجَّلَ وهكذا دَوَالَيْك...

مختلِف

من الأخطاء الشائعة شيوعا متفاحشا على ألسنة العامة وبعض الخاصة وخصوصا على ألسنة المذيعين والمتحدثين في الإذاعة لفظ "مختلَف" بدلا من مختلِف في مثل العبارة التالية "مختلَف الصحف" بدلا من "مختلِف الصحف" وقد سرى واستشرى هذا اللحن حتى في أوساط المثقفين فلا تكاد تجد من ينطق به صحيحا حتى صار من يقول "مختلِف" يخشى أن يُخَطَّأَ ويُرَدَّ إلى اللحن من حيث يُظَنُّ التصحيح والرَّدُّ إلى الفصيح.

وندعو هؤلاء اللاحنين إلى شيء من التبصر فإن لفظ "مختلِف" الذي تنطق به ألسنتهم "مختلَف" هو إسم الفاعل لفعل "اختلف" الذي هو على وزن "افتعل" وكل من له إلمام قليل بقواعد اللغة يعلم أن إسم الفاعل لكل فعل على وزن "افتعل" يأتي على وزن "مفتعِل" لا على وزن "مفتعَل". فمثلا إسم الفاعل لفعل "استتر" هو "مستَتِر" لا "مستَتَر" وإسم الفاعل لفعل "انتصر" هو "منتصِر" لا "منتصَر" وإسم الفاعل لفعل "امتحن" هو "ممتحِن" إلخ..

فعبارة "مختلِف الصحف" تعني - بعبارة أخرى - "الصحف المختلِفة" إنما قدمت فيها الصفة على الموصوف لإضافتها إليه. فكما أنه لايصح أن نقول "الصحف المختلَفة" فكذلك لا يصح أن نقول "مختلَف الصحف" وهكذا الحال في كل عبارة يكون فيه لفظ "مختلِف" مضافا إلى موصوفه فنقول "مختلِف المباريات" و"مختلِف الامتحانات" و"مختلِف الدروس" و"مختلِف البرامج" إلخ...

ولا ورود للفظ "مختلَف" في اللغة العربية إلا في مثل العبارة التالية "مختلَفٌ عليه" أو "مختلَفٌ فيه" أو "مختلَفٌ بشأنه" أو "مختلَف في موضوعه". فلفظ "مختلَف" يعني شيئا وقع عليه الاختلاف لا صدر منه الاختلاف بينما لفظ "مختلِف" يعني ما صدر منه الاختلاف لا ما وقع عليه الاختلاف.

فإذا نحن استعملنا "مختلَف" مكان "مختلِف" جاز لنا أن نستعمل لفظ "ممتحَن" مكان "ممتحِن" فنكون وضعنا التلميذ مكان الأستاذ ووضعنا الأستاذ مكان التلميذ.

وأعظم مرجع في اللغة هو كتاب الله تعالى فلنرجع إليه ولنتتبع فيه لفظ "مختلِف" حتى يتبين لنا الصواب من الخطأ وعلنا نستمسك بالفصيح الصحيح.

قال الله تعالى في سورة "النحل" : { يخرج من بطونها شراب مختلِفٌ ألوانه فيه شفاء للناس }. وقال سبحانه في سورة "فاطر" : { ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلِفٌ ألوانُها ومن الناس والدواب والأنعام مختلِفٌ ألوانه كذلك}.

وقال جل من قال في سورة "الذاريات" : { والسماء ذات الحبك إنكم لفي قول مختلِف } وقال عز من قائل في سورة "الأنعام" : {وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلِفاً أكله } وفي سورة "النحل" : { وما ذرأ لكم في الأرض مختلِفاً ألوانه } وفي سورة "فاطر" : { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلِفاً ألوانها } وفي سورة "الزمر" : { ثم يخرج به زرعا مختلِفاً ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا }. صدق الله العظيم.

وُجود لا تَوَاجُد

مَوْجود لا متواجد

من الأخطاء الشائعة ألفاظ "تَوَاجَدَ" و"تَواجُد" و"مُتَوَاجِد" بمعنى الوجود في مكان. وهذا المعنى ليس واردا في أي كتاب من كتب اللغة. ففي معجم (أساس البلاغة) للعلامة أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري كما في (المعجم الوسيط) تأليف (مجمع اللغة العربية بالقاهرة) : "تَوَاجَدَ فلان : أَرَى من نفسه الوَجْد" والوجد حسب كتب اللغة وحسب ما جاء في أشعار العرب من أيام الجاهلية إلى اليوم : "هو ما يجده الإنسان في قلبه من الحزن أو من الحب أو من الطرب" و"تَوَاجَدَ" حسب ما جرى به الاستعمال في الأدب العربي يعني ظهر عليه الوجد سواء أظهره متعمدا صادقا أو تَكَلَّفَهُ كاذبا ومتظاهرا به... ولا يعني غير هذا المعنى فلا يفيد الوجود في مكان ولا غير ذلك.

والتواجد عند الصوفية حسب ما جاء في الرسالة القشيرية للعلامة العارف بالله أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري ننقله بنصه فيما يلي : "التواجد استدعاء الوجد بنوع من الاختيار وليس لصاحبه كمال الوجد إذ لو كان كذلك لكان واجدا" ثم أتى القشيري بمقالة محمد الجريري رحمهما الله الذي سأله الجنيد : "وأنت يا أبا محمد أليس لك في السماع شيء ؟ فقال : "أنا إذا حضرت موضعا فيه سماع وهناك محتشم أمسكت على نفسي وجدي فتواجدت. ثم استطرد القشيري قائلا : "والوَجْدُ ما يصادف قلبك ويَرِدُ عليك بلا تَعَمُّدٍ وتَكَلُّفٍ".

وقال العارف بالله مؤلف كتاب (عوارف المعارف) : « الوجد ما يرد على الباطن من الله يكسبه فرحاً أو حزنا، ويغيره عن هيئته، ويتطلع إلى الله تعالى، وهو فرحة يجدها المغلوب عليه بصفات نفسه ينظر منها إلى الله تعالى. والتواجد استجلاب الوجد  بالذكر والتفكر »

فالصواب إذن أن نقول مثل ما قاله أبناء العروبة من أول الزمان إلى اليوم وهو "وُجِدَ" لا "تَوَاجَدَ" و"وجود" لا "تواجد" و"موجود" لا "متواجد".

ولعل الخطأ آت من كون بعض التراجمة عفا الله عنا وعنهم لا يكتفون في الترجمة من الفرنسية إلى العربية حتى بالترجمة الحرفية التي تخل بمعنى ما يترجمون بل إنهم ليحرصون علاوة على ذلك أن يصوغوا اللفظ العربي على شاكلة اللفظ الفرنسي وأن يُفَصِّلوه على قياسه.

فالمعنى الذي يعطونه لفعل "تواجد" وهو الوجود في مكان يُؤَدَّى في اللغة الفرنسية بفعل "trouver" مصرفا مع الضمير الذي هو "me" بالنسبة للمتكلم المفرد وهو  "te" بالنسبة للمخاطب المفرد وهو "se" بالنسبة للغائب في المفرد وفي الجمع وذلك أن فعل "trouver" هو في هذه الحالة من الأفعال الضمائرية أي ما يقال له بالفرنسية "verbes pronominaux" وأن كثيرا من هذه الأفعال يقابل في اللغة العربية بأفعال على وزن "تَفَاعَلَ" أو "تَفَعَّلَ" مثل فعل "se multiplier" يُقَابَلُ بـ "تكاثر" أو تعدد و"se partager" يقابل بـ "تقاسم" و"s'aggraver" يقابل بـ "تفاقم" و"se retenir" يقابل بـ "تمالك" إلخ... فجريا على ذلك سمحوا لأنفسهم بأن يجعلوا فعل "تَوَاجَدَ" قبالة الفعل الفرنسي "se trouver". ثم شاع اللحن فلم يعد منحصرا في دائرة التراجمة بل تعداها إلى أوساط المحررين عامة.

الْحَلْوَيَات

كثيرا ما نسمع المتحدثين في الإذاعات وخارج الإذاعات يجمعون كلمة "الحلْوَى" على "الحَلَوِيّات" فيقولون مثلا "تناولنا "الحَلَوِيات والمشروبات" وكلامهم هذا يعني في اللغة العربية الفصحى أنهم أكلوا بائعات الحلوى لا الحلوى وذلك أن "الحَلَويات" جمع "حَلْوية" مؤنث "الحَلْوي" الذي هو بائع الحلوَى. يقال له الحلوي ويقال له الحلواني. والصواب أن يقولوا "تناولنا الحَلاَوَى" أو تناولنا "الحَلْوَيَات".

فجمع الحلوى كما ورد في المعاجم وأمهات كتب اللغة هو لفظ "الحلاوَى" وحده وهو جمع تكسير كما لا يخفى فإذا كانوا يفضلون استعمال الجمع المؤنث السالم فعليهم أن يقولوا "الحَلْوَيَات" كما هو الحال في جمع "ذِكْرَى" على "ذِكْرَيَات" و"كُبْرَى" على "كُبْرَيَات" إلخ...

ونرجو بعد هذا التصحيح ألا يتحدثوا بعد اليوم على أنهم أكلوا بائعات الحلوى وَهُنَّ الحَلْوِيَّات والحَلَوِيَّات بل أنهم يأكلون الحلاوى أو الحَلْوَيَات.

التأمين من

وننتقل الآن إلى تصحيح خطإ آخر كثير الشيوع ناشئ عن العجمة وليدة الترجمة الحرفية من الفرنسية إلى العربية التي يلتزمها معظم المترجمين في بلادنا وفي بعض البلاد العربية مع الأسف الشديد وذلك قولهم "التأمين ضد..." لترجمة العبارة الفرنسية  "assurance contre"فاللغة الفصحى تريدنا أن نقول "التأمين من ..." لا "التأمين ضد" فسلامة التعبير العربي وتأدية العبارة الفرنسية أداء كاملا لا يتمان إلا بعبارة "التأمين من..." وحدها. فالعرب تقول " أَمَّنَهُ أو آمَنَهُ من سطو اللصوص" ولا تقول : "أمنه ضد سطو اللصوص" أو "أمنه ضد اللصوص".

قال تعالى في كتابه الحكيم المنزل بلسان عربي مبين { ... فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف }. ولم يقل آمنهم ضد الخوف (سورة قريش) قال الإمام اللغوي محب الدين أبو الفيض محمد مرتضى الزبيدي في معجمه "تاج العروس من جواهر القاموس" ضمن فصل الهمزة من باب النون : "يقال أنت في آمن أي أمن وقال أبو زياد أنت في آمن من ذلك أي في أمان... وقد آمنه بالمد وأمَّنه بالتشديد وقال الإمام العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في معجمه (أساس البلاغة( : )أَمِنْتُهُ وآمَنَنِيهِ غيري وهو في أَمْنٍ منه وَأَمَنَةٍ) وجاء في (المعجم الوسيط) تأليف مجمع اللغة العربية بالقاهرة (أَمِنَ الشَّرَّ وأَمِنَ مِنْهُ : سَلِمَ(.

سائر

وننتقل بعد هذا إلى خطأ شاع وذاع وهو استعمال كلمة "سائر" بمعنى "جميع". فكثير هم الذين يقولون مثلا : "زرنا سائر مدن المغرب" والصواب هو أن يقولوا "زرنا جميع مدن المغرب" وألا يستعملوا كلمة "سائر" إلا في مثل هذه العبارة : "زرنا فاس وسائر مدن المغرب" أو "قرأت كتاب صحيح البخاري وسائر كتب الحديث" فكلمة "سائر" لها معنى "بقية" فلا تذكر إلا بعد ذكر جزء من مجموع ما يذكر بعدها.

كاف التشبيه

ومن آفات الترجمة الحرفية قولهم مثلا : "التحق بالشركة كرئيس قسم". والصواب هو أن يقولوا : "التحق بالشركة رئيس قسم أو رئيسا لقسم". والخطأ آت من الحرص الأعمى في الترجمة على مقابلة كل لفظ في العبارات الفرنسية بلفظ عربي حتى ولو كان استعمال هذا اللفظ يغير معنى النص المترجم ولا يفيد فائدته.

مثلما الحال في هذه العبارة وفي مثيلاتها التي يدخل فيها كاف التشبيه على اللفظ الذي من حقه أن يكون حالا أو تمييزا. فهذه العبارة ترجمة حرفية عمياء للعبارة الفرنسية  التالية  

"Il a été recruté par la société comme chef de division".

فكاف التشبيه الواردة في العبارة العربية تقابل لفظ "comme" الذي يفيد التشبيه كذلك ولكن في غير أمثال هذه العبارة التي تعني أنه تقلد فعلا في الشركة منصب رئيس قسم بينما العبارة العربية في المنطق العربي الصحيح لا تفيد هذا المعنى بل تعني أنه تقلد في الشركة منصبا شبيها بمنصب رئيس قسم ولا تفيد أنه تقلد فعلا منصب رئيس قسم ومثل هذه الترجمة تذهب بما امتازت به اللغة العربية من رونق التعبير وجمال الإعراب.

فشتان ما بين أن تقول "اشتغلت كاتبا في الشركة" وبين أن تقول "اشتغلت ككاتب في الشركة".

دُوَلِي، مِهَنِي

هذا البحث موجه إلى المشتغلين بالترجمة على الخصوص وإلى الإعلاميين السمعيين على العموم الذين يقولون "دَوْلِي" لتأدية معنى اللفظ الفرنسي "international" بدلا من أن يقولوا "دُوَلِي". وذلك أن لفظ "دَوْلي" يقابل في اللغة الفرنسية على الأصح لفظ "étatique" الذي هو مصوغ صيغة النسبة إلى لفظ "Etat" بمعنى "دولة" كما أن لفظ "دُوَلِي" مصوغ صيغة النسبة إلى "دُوَل" فكيف يسوغ استعمال دَوْلِي لترجمة اللفظ الفرنسي  international مع استعمال لفظ "دولة" لترجمة لفظ "état". ؟

فإن المترجمين المتشبثين بمقابلة اللفظ الفرنسي "international" بِـ "دَوْلي" بدلاً من "دُوَلي" يجدون أنفسهم في مأزق عندما يكون عليهم أن يترجموا اللفظ الفرنسي "étatique". فيعمدون للخروج من هذا المأزق إلى مقابلته بلفظ "حكومي" الذي يقابل على الأصح اللفظ الفرنسي "gouvernemental" ولسنا في حاجة إلى تبيان الفوارق التي بين اللفظين الفرنسيَّيْن "étatique" و  "gouvernemental" من ناحية اللغة ومِنْ ناحية الأنظمة الدستورية فهي أوضح من نار على عَلَم.

أجل إننا نعلم رأي بعض اللغويين المتزمتين القائلين بعدم جواز النسبة إلى الجمع وأن النسبة لا تكون إلا للمفرد حسب ما جرى عليه العرب قديما ولكن العرب أنفسهم قد التجأوا أخيرا إلى النسبة للجمع بدافع الضرورة اللغوية المنبثقة عن الحاجة إلى التدقيق والتحديد. فقد قالوا "جنائزي" نسبة إلى "جنائز" الذي هو جمع "جنازة". فقد أورد الإمام اللغوي محب الدين أبو الفيض محمد مرتضى الزبيدي في معجمه الذي يعد من أوثق المراجع اللغوية كتاب "تاج العروس من جواهر القاموس" ضمن فصل الجيم من باب الزاي ما يلي : "الجنائزي من يقرأ أمام الموتى منهم محمد بن محمد بن المامون الجنائزي وأبو علي الجنائزي" وورد كذلك لفظ جنائزي في (المعجم الوسيط) الذي أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة مع الشرح التالي "الجنائزي : من يقرأ أمام الجنائز. واللحن الجنائزي لحن يعزف أمام الجنازة". ولقد كان في وسع أولئك اللغويين أن ينسبوا إلى المفرد فيقولوا "جنازي" لكنهم تركوا النسبة إلى المفرد وخصصوا النسبة إلى الجمع للدلالة على شيء خاص من شؤون الجنازة.

وإن تعجب فعجب قولهم "أُمَمِي" نسبة إلى لفظ "أُمَم" الذي هو جمع "أمة" و"كُتُبِي" نسبة إلى "كُتُب" الذي هو جمع "كتاب" وقولهم "صُحُفِي" نسبة إلى "صُحُف" جمع "صحيفة" و"طُرُقِي" نسبة إلى "طُرُق" جمع "طريق" وقولهم "ساعاتي" نسبة إلى "ساعات" جمع "ساعة" و"نظاراتي" نسبة إلى "نظارات" جمع نظارة هذا مع استنكافهم النسبة إلى الجمع عند امتناعهم من ترجمة  "international" بـ "دُوَلِي" والأعجب من هذا والأغرب أنهم يجيزون لأنفسهم النسبة إلى الجمع لترجمة بعض المصطلحات التي تقتضي النسبة إلى المفرد لا إلى الجمع وذلك مثل قولهم "مِهَنِي" نسبة إلى "مِهَن" جمع "مِهْنة" وذلك لترجمة اللفظ الفرنسي "professionnel" في حين ينبغي أن يقولوا "مِهْنِي" لترجمة لفظ   "professionnel" الذي يعني النسبة إلى "مِهْنَةٍ" واحدة وأن يقولوا "مِهَنِي" لترجمة لفظ  "interprofessionnel" الذي يعني النسبة إلى مجموعة من المِهَن. وهم في ترجمة هذين اللفظين الفرنسيين يخبطون خبط عشواء فيستعملون لفظ "مِهَنِي" لترجمة اللفظين معا وعند ما يطلب منهم التدقيق في الترجمة ينسبون قصورهم إلى اللغة العربية فيقولون عنها إنها متخلفة ولا تستجيب لمحدثات العصر ومستجداته.

الفصحى تناديهم : "يا أبنائي كبرت كلمة تخرج من أفواهكم إن القصور فيكم لا في أمكم المهجورة منكم والمجهولة عندكم اتقوا الله فيها ولا ترموها بعيوبكم. بَرُّوها ولا تعُقّوها وصلُوها ولا تهجروها وتغذوا مما توفره لكم من غذاء وطعام قولوا "دُوَلِي" لإفادة معنى "international" وقولوا "دَوْلِي" لإفادة معنى "étatique" وقولوا "مِهْنِي" لإفادة معنى "professionnel" وقولوا "مِهَنِي" لإفادة معنى "interprofessionnel".

مُبَرِّز

من أخطاء التعجيم الآتية من التقيد بصيغة اللفظ الأعجمي عند ترجمتهم إياه قولهم "مُبَرَّز" مكان "مُبَرِّز" وذلك في مثل العبارة الخاطئة التالية : "أستاذ مُبَرَّز" بدلا من العبارة الفصيحة الصحيحة "أستاذ مُبَرِّز". وقد أتاهم الوقوع في الخطأ من كون العبارة العربية يراد بها ما تفيده العبارة الفرنسية "professeur agrégé" فلفظ "agrégé" الذي يقابل في العربية لفظ "مبرز" مصوغ على صيغة اسم المفعول في اللغة الفرنسية. ولذلك صاغوا مُبَرَّز على صيغة اسم المفعول في اللغة العربية بينما التعبير العربي يقتضي أن يصاغ على صيغة اسم الفاعل. فالعرب تقول "بَرَّزَ" الفرس علىالخيل بمعنى سَبَقَهَا فهو مُبَرِّز وبَرَّزَ الرجلُ فاق أقرانَه فَضْلاً فهو "مُبَرِّز" لا "مُبَرَّز" أورد الامام اللغوي محب الدين أبو الفيض محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي في معجمه الذي يعد من أمهات المعاجم اللغوية : "تاج العروس من جواهر القاموس" في فصل الباء من باب الزاي "بَرَّزَ" تبريزا فاق على أصحابه فضلا أو شجاعة وبَرَّز الفرس على الخيل تبريزا سبقها وقيل لِكُلِّ سابق مُبَرِّز وإذا تسابقت الخيل قيل لِسابقها بَرَّز عليها.

ونحمد الله على أن هذا اللحن بقي محصورا في دائرة التراجمة ولم يتجاوزها إلى معاجم الترجمة فقد جاء في "المنهل" المعجم الفرنسي العربي تأليف الدكتور جبور عبد النور والدكتور سهيل إدريس قبالة لفظ "agrégé" لفظ "مُبَرِّز" مشكولا شكلا صحيحا بكسر الراء على صيغة اسم الفاعل لا بفتحها.

تُوُفِّيَ

ومن أخطائهم قولهم "تَوَفَّى" الرجل" بدلا من "تُوُفِّيَ" الرجل" وتبعا لذلك يقولون "فلان المتوفِي" بدلا من "المُتَوَفَّى" فلا ينبغي أن يستعمل لفظ "تَوَفَّى" إلا بالنسبة لله وملائكته. ففي القرآن الكريم قال الله تعالى في سورة الزمر : { الله يَتَوَفَّى الأنفسَ حين موتها والتي لم تمت في منامها } وقال في سورة الأنعام : {وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار } وقال في سورة النحل : { والله خَلَقَكُمْ ثم يتوفاكم } وقال في سورة "يونس". {ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم } وفي سورة السجدة : { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وُكِّلَ بكم } وفي سورة النساء : { إن الذين تَتَوَفَّاهُم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم } وفي سورة محمد : { فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم } وفي سورة   النحل : { الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } وفيها كذلك { الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم } وفي سورة الأعراف : { حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله } وفي سورة يونس { وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم } وفي سورة النساء : { فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت}، إلى آخر الآيات.

وهذا بالنسبة لفعل "تَوَفَّى" المبني للمعلوم أي بفتح التاء والواو والفاء المشددة في الماضي فهو خاص بالله وملائكته. أما فيما يرجع للانسان الذي مات فينبغي أن نقول "تُوُفِّيَ فلان" بالبناء للمجهول ونقول : "تَوَفَّى اللهُ فلانا" فالله هو المُتَوَفِّي والميت هو المُتَوَفَّى. أما بالنسبة لصيغة المجهول أي "تُوُفِّي" بضم التاء والواو وكسر الفاء المشددة فقد جاء قوله تعالى في سورة الحج {  ومنكم من يُتَوَفَّى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر }.

وقال تعالى في سورة "غافر" : { ومنكم من يُتَوَفَّى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون } وقال في سورة البقرة : { والذين يُتَوَفَّوْن منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا }.

الوَفَيات (جمع وَفاة(

وأكثر ما يلحنون كذلك في جمع لفظ : "الوفاة" فيقولون "الوَفِيَّات" بكسر الفاء وتشديد الياء والصواب أن يقولوا في جمع "الوفاة" الوَفَيَات بفتح الفاء وفتح الياء المخففة.

على أهبة عمل كذا

من الأخطاء الشائعة قولهم "على أهبة الاستعداد لعمل كذا وكذا" والصواب أن يقولوا "على أهبة عمل كذا" لأن الأهبة تعني الاستعداد فعندما يقولون : "على أهبة الاستعداد" كأنما يقولون "على استعداد الاستعداد" وهذا لا معنى له بالمرة. أورد العلامة اللغوي محب الدين أبو الفيض محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي في معجمه "تاج العروس من جواهر القاموس" ما يلي : "الأهبة بالضم العُدَّة، وأخذ لذلك الأمر أُهْبته : أي عُدَّته. وقد أَهَّب للأمر تأهيبا وتَأَهَّبَ : استعد. وأُهْبَةُ الحرب : عُدَّتُها..."

وفي معجم "أساس البلاغة" تأليف  الإمام العلامة جار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري : "أخذ لِلسَّفَرِ أهبته، وتَأَهَّبَ له".

وفي (المعجم الوسيط) الذي أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة : الأهبة : العدة. "يقال أخذ للأمر أهبته. وأهب للأمر : استعد وتأهب للأمر : استعد. يقال "تأهب للسفر وللأمر".

فمن الخطإ إذن مثل هذه العبارة : "كان على أهبة الاستعداد للسفر" وصوابها : "كان على أهبة السفر" أو "كان على استعداد للسفر".

عُمِّرَ

ومن الأخطاء الشائعة كذلك قولهم مثلا : "عَمَّرَ فلان ثمانين سنة" والصواب أن يقولوا : "عُمِّرَ فلان ثمانين سنة" بالبناء للمجهول فهو "مُعَمَّرُ" فالمُعَمِّرُ هو الله الذي عَمَّرَهُ : أي رزقه ذلك العُمُر.

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الذي هو أبلغ كتاب وأفصح كلام، القرآن الكريم المنزل بلسان عربي مبين ما يلي من سورة فاطر : { أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير } وقال في سورة يس : { وَمَنْ نُعَمِّرْهُ ننكسه في الخلق أفلا يعقلون } وقال في سورة البقرة : { يود أحدهم لو يُعَمَّرُ ألف سنة، وما هو بمزحزحه من العذاب أن يُعَمَّر} وقال في سورة فاطر : { وما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ ولا ينقص من عُمُرِهِ إلا في كتاب}.

وجاء في (تاج العروس من جواهر القاموس) لمرتضى الزبيدي في فصل العين من باب الراء : "عَمَّرَهُ الله تعالى عُمُراً وعَمَّرَهُ تعميرا : "أبقاه وأطال عمره وعَمَّرَ نَفْسَه تعميرا وقدر لها قدرا محدودا ".

وفي (المعجم الوسيط) الذي أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة ما يلي : "عَمَّرَ اللهُ فلانا : أطال عُمُرَهُ فهو مُعَمَّر".

فالفصحى تنادينا أن نصلح الخطأ فنقول : "عُمِّرَ فلان كذا وكذا من السنين".

طَوَال

ومن الأخطاء الشائعة قولهم كذلك : "طِوَال" مكان "طَوَالَ" وذلك في مثل العبارة التالية : "بات سهران طِوَالَ الليل" والصواب هو أن يقولوا : "بات سهران طَوَالَ الليل" فلفظ "الطَوال" بفتح الطاء يعني الطُّول. أما لفظ "طِوَال" فهو جمع طويل.

أورد (المعجم الوسيط) في مادة "طال" ما يلي : "الطَّوَال" : "الطُّول". والطَّوَال : مدى الدهر. يقال "لا أكلمه طَوَالَ الدهر". وأورد المعجم كذلك بصدد شرحه لفظ "الطويل" جمعه "طِوَال".

البِيئة

ومنهم من يقول : "البَيْئَة" بفتح الباء بدلا من "البِيئَة" بكسر الباء وذلك خطأ ففي (المعجم الوسيط) الذي أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة : ما يلي : "البِيئة : (معناها) المنزل. والبِيئة : (معناها) الحال. ويقال : "بِيئة طبيعية" و"بِيئة اجتماعية، وبِيئة سياسية".

وأورد صاحب (تاج العروس من جواهر القاموس) ما يلي : "والبِيئة بالكسر الحالة. يقال إنه لَحَسَنُ البِيئَة" هذا ولم نجد ورودا للفظ "البيئة" بالفتح في أي معجم من معاجم اللغة.

تُكْنَة

ومن الخطأ كذلك قولهم "تَكَنَة عسكرية" لمركز الجند. والصواب هو "تُكْنة" بضم التاء وسكون الكاف. وجمعها "تُكَن" و"تُكُنَات" كما جاء في (المعجم الوسيط(.

اِسْتُشْهِدَ

سمعنا بعض المذيعين في الإذاعات المغربية والإذاعات الأجنبية يقولون "اِسْتَشْهَدَ فلان" بمعنى مات شهيدا والصواب أن يقولوا : "اِسْتُشْهِدَ فلان" بالبناء للمجهول. ففي معاجم اللغة كما جاء في (المعجم الوسيط) "لمجمع اللغة العربية بالقاهرة" اِسْتُشْهِدَ فلان : "قتل شهيدا" أما (اِسْتَشْهَدَ فلان) فمعناه تَعَرَّض أن يقتل في سبيل الله وقد يقتل أو لا يقتل. فإذا قُتِل يقال عنه أنه اسْتُشْهِد.

أما اسْتَشْهَدَهُ فيعني : طلب منه الشهادة. يقال : "اسْتَشْهَدَ المدَّعِي فلانا" أي طلب منه أن يشهد له. قال الله تبارك وتعالى في التنزيل العزيز : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم}. واسْتَشْهَدَ بِكذا معناه احتجَّ به. أي أتى به شاهدا على ما يقول فيقال : "اسْتَشْهَدَ بآية من القرآن" أو "اسْتَشْهَدَ بحديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم" أو "استشْهَدَ ببيت شعر". والخلاصة أَنَّ اسْتَشْهَدَ يعني أتى بشاهد سواء كان هذا الشاهد إنسانا أو شيئا أدبيا أو معنويا.

الأهرام

كما سمعنا في بعض الاذاعات كلمة "الأهرامات" مقصودا بها جمع "هرم" ومعلوم أن جمع "هرم" هو "الأهرام" قد يقول بعضهم على سبيل التعقيب إن العرب جمعت كلمة "رجل" على "رجال" وجمعت لفظ "رجال" على "رجالات" ولكن نرد على هذا الكلام بقولنا لقد صحت كلمة "رجالات" لأنها سمعت من العرب ولا تصح كلمة "الأهرامات" لأنها لم تسمع منهم بل ولم تسمع هذه الكلمة قبل اليوم لا من العرب ولا من غيرهم.

على وَشْك

ومن الأخطاء كذلك قولهم : "على وَشَكِ أن يفعل كذا" والصواب هو "على وَشْكِ أن يفعل كذا" بسكون الشين وبفتح الواو أو ضمها. يقال "على وَشْك"... أو "على وُشْك" بسكون الشين فيهما معا.

نَزَحَ

ومن الأخطاء قولهم الذي يقيم في بلاد أجنبية ثم يخرج منها أنه "نزح عنها" بل الصواب أن يقال : "جلا عنها" أما نزح فلا يقال إلا لمن اغترب عن بلاده. ويقال للذي يكثر الاغتراب إلى بلاد بعيدة أنه "مِنْزَاحٌ" وجمعه "منازيح".

على أحسن حال

ومن أخطاء الترجمة الشائعة قولهم "في أحسن الشروط" لترجمة العبارة الفرنسية     :

 "Dans les meilleures conditions". أجل إن اللفظ الفرنسي    conditions يعني "الشروط" ولكن من معانيه كذلك "الحال" أو "الحالة" و"الظرف" و"المرتبة" و"الوضع".

فمن الخطإ الفاحش أن نقول : "تم السفر في أحسن الشروط" لترجمة العبارة الفرنسية :

"le voyage s'est déroulé dans les meilleures conditions" والصواب أن نقول : "تم السفر أو جرى السفر على أحسن حال". وقد اطَّلعْنا في كثير من النصوص المترجمة على مثل العبارة الخاطئة المذكورة.

فِرَق

ومن الأخطاء الشائعة كذلك استعمال كلمة "فُرُوق" لجمع "فِرْقَة" أو لجمع "فَرِيق" أو لجمع "فارق" فكلمة "فروق" هي جمع لكلمة "فَرْق" أما الفِرْقَة فتجمع على "فِرَق" وعلى "فِرْقَات" وتجمع كلمة "فَرِيق" على "فُرَقَاء" وعلى "أَفْرِقَة" وتجمع كلمة "فارِق" على فَوارِق".

جاء في (المعجم الوسيط) الذي أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة ما يلي : "الفَرْق بين الأمرين : المُمَيِّز أحدهما من الآخر وجمعه "فُرُوق" وجاء فيه كذلك "الفريق" الطائفة من الناس أكبر من الفرقة وجمعه فُرَقاء و"أَفْرِقة" كما ورد فيه أيضا "الفارق" ما يميز أمرا من أمر وجمعه "فوارق".

كَبِرَ وكَبُرَ

وسمعنا في إحدى الإذاعات كذلك مذيعة تقول : "يَكْبُرُ في السن" بينما كان عليها أن تقول يَكْبَرُ لأنه يقال "كَبُرَ يَكْبُرُ قدرا أو فضلا" ويقال "كَبِرَ يَكْبَرُ سِنّاً". جاء في (أساس البلاغة) للعلامة جار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري في مادة "كبر" قوله : "كَبُرَ الرجل في قَدْرِهِ، وكَبِرَ في سِنِّه". وجاء في (المعجم الوسيط) الذي أصدره مجمع اللغة العربية : "كَبِرَ الرجل أو الحيوان يكبَرُ كِبَراً : طعن في السن" وجاء فيه أيضا : "كَبُرَ  يكبُر: عظُمَ وجَسُمَ : يقال : كَبُرَ عليه الأمرُ : شَقَّ وثَقُلَ".

وشواهدنا من القرآن الكريم فيما يخص كَبُرَ يَكْبُرُ قوله تعالى في سورة الأنعام { وإن كان كَبُرَ عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض } إلخ وقوله تعالى في سورة يونس : { إن كان كَبُرَ عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت } وقوله تعالى في سورة غافر : { كَبُرَ مَقْتاً عند الله وعند الذين آمنوا } وقوله في سورة الشورى : { كَبُرَ على المشركين ما تدعوهم إليه } وقوله في سورة الصف : { كَبُرَ مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } وقوله في سورة الكهف : { كَبُرَتْ كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا } وقوله في سورة الإسراء : { قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يَكْبُرُ في صدوركم }. أما بصدد "كَبِرَ يَكْبَرُ" الخاصة بالسن فإننا نستشهد بقوله تعالى في سورة  النساء : موصيا بأموال اليتامى { ولا تأكلوها إسرافا وَبدارا أن يكبَروا }.

والخلاصة أن فعل "كَبِرَ يَكْبَرُ" يستعمل في الحسيات بينما فعل "كَبُرَ يَكْبُرُ" يستعمل في المعنويات.

سِوَى

ينبغي استعمال أداة الاستثناء "سوى" بَعْدَ حرف الجر لا قبله وذلك أن اللاحنين يقولون مثلا : "لَمْ أَتَعَلَّمْ سِوَى مِنَ الكُتُب" والصواب أن نقول "لم أتعلم من سوى الكتب" فلفظ "سوى" مضاف إلى لفظ "الكتب" ولا يَصِحُّ أن يفصل بين المضاف والمضاف إليه بكلمة، سواء كانت حرفا أو إسما. ولا يقتصر هذا اللحن على "سِوَى مِنْ" بل يشمل جميع حروف الجر فاللاحنون يقولون "سوى بـ" مكان "بسوى" ويقولون : "سوى عن" مكان "عن سوى" و"سوى لـ" مكان "لِسِوَى" و"سوى في" مكان "في سوى" و"سوى على" مكان "على سوى" وهكذا فلفظ "سوى" يعني ما تعنيه كلمة "غير" فكما أنه لا يصح أن نقول "لم أتعلم غير من الكتب" فكذلك لا يصح أن نقول "لم أتعلم سوى من الكتب" فالصواب إذن هو قولنا "لم أتعلم من سوى الكتب"و "لم أتعلم من غير الكتب".

أما أداة الاستثناء التي تسبق حروف الجر فهي "إلاَّ" فنقول مثلا في هذه العبارة "لم أتعلم إلا من الكتب".

احْتُضِرَ

ومنهم من يقول "احْتَضَرَ فلان" يريد حَضَرَتْه الوفاة والصواب أن يقال "احْتُضِرَ فلان". قال العلامة جار الله أبو القاسم الزمخشري في معجمه (أساس البلاغة) ما يلي : "حُضِرَ المريض واحْتُضِرَ : حَضَرَهُ الموت".

وفي (المعجم الوسيط) الذي أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة  ما يلي : "احْتُضِرَ : حَضَرَهُ الموت". هكذا بالبناء للمجهول أما "احْتَضَرَ" المبني للمعلوم فقد أورد في شرحه ما يلي : "احْتَضَرَ المجلسَ : حَضَرَهُ. واحْتَضَرَ المكانَ : نزل به.

هُرِعَ

فعل مبني للمجهول شرحته معاجم اللغة كما يلي ننقل نصه عن "المعجم الوسيط" : "هُرِعَ" مشى أو عدا في اضطراب وسرعة. وفي التنزيل العزيز : "وجاءه قومه يُهْرَعون إليه".

ملاحظتنا هي أن كثيراً من المثقفين عندما يسمعون الناطق به يحسبونه لحناً ومنهم من يرد عليه بقوله "هَرَعَ" لا "هُرعَ" وذلك ما وقع لجليس لي ونحن نستمع إلى مذيع فبعدما ردّ عليه عقبت على رده بقولي إنه ليس لحنا وإنما اللحن هو "هَرَعَ" أجل هناك إلى جانب ذلك فعل "هَرِعَ" على وزن "فرح" يعني أنه كان سريع المشي ولكن في غير اضطراب وهناك أيضا "أهْرَعَ" بالبناء للمعلوم وهناك "أُهْرِعَ" بالبناء للمجهول والشرح في ذلك كله يفيد "السرعة في العدْو".

بين "الثلاثي" و"الثالثي"

هما مصطلحان اثنان مختلفان كل الاختلاف، لمفهومين اثنين متباينين كل التباين، بيد أن الألسنة والأقلام - في زماننا - سلّطت المصطلح الأول (الثلاثي) على المصطلح الثاني (الثالثي) فنفاه نفيا سحيقا، وحلّ محله، واستبدّ بوظيفته، جامعا بينها وبين وظيفته الذاتية الأصلية، رغما عن تباين المفهومين، بل وتناقضهما، فلا نكاد نجد استعمالا للمصطلح " الثالثي " إلاّ في اصطلاح الكهنوت المسيحي العربي الذي احتفظ بدلالته اللغوية عانيا به   " عضوا من الدرجة الثالثة ".

ففي استعمال المصطلح " الثلاثي " للدلالة على المفهومين المتناقضين تعسف يأباه المنطق وترفضه اللغة. ولتبيان خطورة هذا التعسف الذي يجرّ معه من الالتباس ما اللغة غنية عنه، وبريئة منه، يجدر بنا أن ننكبّ على بحث الدلالة اللغوية للمصطلحين " الثلاثي " و" الثالثي ".

 - الثلاثي :

ورد في " لسان العرب " لابن منظور، ضمن مادة " ثلث " وفي " تاج العروس من جواهر القاموس " لمرتضى الزبيدي ما يلي :

" الثلاثي : المنسوب إلى الثلاثة (على غير قياس). الثلاثي : المنسوب إلى ثلاثة أشياء، أو كان طوله ثلاثة أذرع : (ثوب ثلاثي ورباعي) والكلمات الثلاثية : التي اجتمع فيها " ثلاثة أحرف. هـ"

وفي " المعجم الوسيط " الذي أصدره " مجمع اللغة العربية " بالقاهرة ما يلي :

 » الثلاثي : المنسوب إلى الثلاثة (على غير قياس). وما ركّب من ثلاث. يقال : رسم  ثلاثي، وكلمة ثلاثية«.

فالمصطلح "الثلاثي"، إذن يدل على الشيء المركّب من ثلاثة أطراف، أو المكوّن من ثلاثة عناصر. فإن قلنا، مثلا، " لجنة ثلاثية " فإننا نعني بها لجنة مركبة من ثلاثة أعضاء. وإن قلنا " اجتماعا ثلاثيا " نعني به " اجتماعا يضمّ ثلاثة أطراف ". ويقابل المصطلح " الثلاثي " في اللغة الفرنسية لفظ " Tripartite " وبالتالي، عندما نقول " طريقا ثلاثية " ينبغي أن نعني بها " طريقا تتركب من ثلاثة أجزاء " أو " متشعبة ثلاث شعب " أي " طريقا تشتمل على ثلاث طرق فرعية ". ولا يصح بأي حال أن نعني بها " طريقا من المرتبة الثالثة " مقابلين بها اللفظ الفرنسي " Tertiaire " على نحو ما هو شائع الآن.

فالخطأ شائع في استعمالنا العبارة التالية : "طريق ثلاثية" نقصد بها "طريقا من المرتبة (أو الدرجة) الثالثة" والصواب أن نقول : "طريقا ثالثية" نسبة إلى لفظ "ثالث" مثلما نقول : "طريق ثانوية" نقصد بها "طريقا من المرتبة الثانية" نسبة إلى لفظ "ثانٍ".

"الحاجات" لا "الحاجيات"

شاع استعمال لفظ "الحاجيات" مكان "الحاجات" ولم نجد لهذا اللفظ الدخيل الجديد إقحامه في لغة الضاد سنداً من اللغة مهما كان ضعيفا. ولم نتبيّن الدافع إلى العدول عن "الحاجات" إلى "الحاجيات" لأداء نفس المعنى بلا زيادة ولا نقصان، سوى نزعة التعقيد التي اصطبغت بها عقلية وأذواق الجيل الحاضر.

فإذا كان لفظ "الحاجات" أبسط وأسلس من أن تستسيغه أذواق اللاحنين فنحن نرشدهم إلى استعمال لفظ فصيح أقل بساطة وأقل سلاسة وهو "الحائجات" جمع "حائجة" الذي لا يعني سوى "الحاجَة" ويجمع كذلك على "حوائج".

"الإمكانات" لا "الإمكانيات"

شاع كذلك لفظ "الإمكانيات" بدلاً من لفظ "الإمكانات" الذي هو جمعٌ للمصدر : "الإمكان". وما قلناه عن "الحاجات" و"الحاجيات" ينطبق انطباقا تاما وكاملا على "الإمكانات" و"الإمكانيات".

المصدر الصناعي

يلاحظ في الأيام الأخيرة شطط في استعمال المصدر الصناعي، بإحلاله محل المصدر الأصلي أو محل اللفظ المشتق منه فبدأنا نسمع مثل هذه الجملة : أعجبتني جمالية هذا المنظر" بدلاً من "جمال هذا المنظر" ولفظ "جمالية" وضع لمقابلة المصطلح الفرنسي  "Esthétique (n.f.)" في دلالته على "علم الجميل في الطبيعة وفي الفن" ولمقابلة "Esthétisme" في دلالته على "مذهب ومدرسة الجماليين".

وتتردد كثيراً مثل هذه الجملة : "وضعت منهجية لإعداد هذا العمل" بدلاً من "وضعت منهجا".

والمصدر الصناعي صيغ لا ليكون مرادفاً للمصدر ولا للإسم المشتق منه ولكن صيغ لإفادة معنى لا يفيده غيره وهو الدلالة على طبيعة اتصاف شيء بصفة ما. فإن قلت مثلا "صخرية الأرض" أو "خشبية النبات" فإنك تعني "طبيعتها الصخرية" و"طبيعة النبات الخشبية".

و"منهجية العمل" هي كونه منهجيا أي خاضعا وسالكا منهجا معيّناً" فإن قلت مثلا "هذا عمل غير منهجي" أي لم يتبع في إعداده منهج معيَّن.

أجلّ إنهم يقابلون بلفظ المنهجية اللفظ الفرنسي "Méthodologie" وهي في نظرنا مقابلة غير صحيحة لأن معنى اللفظ الفرنسي كما شرحه معجم (بول روبير) هو "دراسة المناهج العلمية والتقنية" وقد نص (بول روبير) على أن لفظ   "Méthodologie" يستعمل استعمالا تعسفيا لإفادة معنى "المنهج"، و"طريقة العمل".

ولا يصح أن نخضع الألفاظ العربية للدلالة على معاني الاستعمالات التعسفية للألفاظ الأعجمية مهما كانت. لا سيما وأن الألفاظ العربية تخضع في صيغها لأوزان تحدد دلالتها وتحصرها في نطاق معيّن. وما كانت صيغة المصدر الصناعي إلا لتدل على طبيعة اتصاف شيء بصفة ما لكونه مشتقا من صيغة النسبة. فلفظ "الصخرية" مشتق من "الصخري" لا من "الصخر" ولفظ "الخشبية" مشتق من "الخشبيّ" لا من "الخشب".

وقد عرّف (المعجم الوسيط) في حرف الصاد بـ "المصدر الصناعي" على النحو التالي : "المصدر الصناعيّ : ما انتهى بياء مشددة وتاء مأخوذاً من المصدر كالخصوصية، والفروسية، والطفولية. أو من أسماء الأعيان : كالصخرية والخشبية، وقد يؤخذ من المشتقات كالقابلية، والمسؤولية، والحرية، أو من أداة من أدوات الكلام : كالكمية، والكيفية، والماهية".

ولكن هذا التعريف لا يتضمن شرحاً ولا يقوم مقام الشرح.

*

*  *  *

     فحتى متى يستمر هذا التعسف اللغوي ؟ لعلّه لن ينتهي إلا بتجنّد جميع المثقفين من أجل مراجعة المحررين والمذيعين في محطات الإرسال السمعية والبصرية كلما صدر عنهم الخطأ وذلك بعزيمة قوية متيقظة لا تعرف الملل ولا تكتفي بتنبيه واحد بل لا تتردد في إعادة الكرة على المتعسفين ولو ألف مرة في الخطإ الواحد ولا تكف عن مراجعتهم حتى يستقيم اللسان.

     وهذه كلها أخطاء شنيعة ناجمة عن إهمال دراسة وتدريس قواعد الصرف والنحو وخصوصا الاشتقاق والأوزان في المدارس الابتدائية والثانوية. فإذا تمادى الحال على هذا النحو فستكون عاقبته وخيمة على لغة العروبة وجناية على لغة القرآن يتحمل كل العرب مسؤوليتها، وعلى رأسهم وزارات التعليم في جميع الأقطار العربية بلا استثناء. أجلّ، لست أنكر وجود حصص في علم الصرف وعلم النحو ضمن البرامج الدراسية في كل هذه البلاد ولكن ذلك شيء هزيل جدا بالنسبة لما ينبغي أن تكون عليه تلك المناهج. فنحن نهيب بوزراء التعليم العرب أن يعيدوا النظر في مناهج تدريس هذه المواد، وأن يولوها العناية الكاملة التي تستحقها بجعلها من المواد الأساسية التي لا يمكن للطالب الراسب فيها النجاح في مختلف امتحانات السلكين الابتدائي والثانوي ولا يسمح له بالالتحاق بالجامعة إلا إذا كان متقنا لها الإتقان اللازم. ومن أجل ذلك نرى أنه يتحتم وضع وإقرار وتطبيق منهج يقوم على اعتبار الاشتقاق مادة دراسية مستقلة، تؤلف لها كتب تعليمية على ضوء متطلبات الاصطلاح العلمي والتقني والحضاري مع مراعاة حاجات التعريب ومقتضياته.

    فلا ينبغي الاقتصار - مثلا - على تعليم الطالب كيفية اشتقاق بعض الأوزان بل يجب التوسع في دراسة استقصائية لأغراض كل وزن والمجالات المتاحة لاستعماله بإيراد أمثلة من تُرَاثِنا اللغوي، وأمثلة من المستحدث الموضوع، وأمثلة مما تم تعريبه مع ما يقابله في اللغة الأعجمية المقررة، ثم التعريف بقرارات مجمع اللغة العربية بخصوص الأوزان التي عني ببحثها مع الالمام بسائر قراراته العلمية. وإلى جانب هذا التعليم الممنهج للسلكين الابتدائي والثانوي ينبغي أن تقرر للسلك الجامعي محاضرات منتظمة لتعريف الطلبة بما استجد بشأن تعريب المصطلحات بصفة عامة وبما يتصل منها بالأوزان على الخصوص وبأهم الكتب المؤلفة حديثا في هذا الموضوع.

    وهي كذلك مسؤولية وسائل الإعلام، فيجب على رجالها أن يتجندوا لمحاربة كل تشويه للغة، واستخفاف بقواعدها، وأن يعلموا به قراءهم ومستمعيهم، وينددوا به تنديدا كفيلا بأن يكون زاجرا للجانين على اللغة.

    وإننا - ونحن أمة القرآن - لجديرون بأن نعمل باقتراح أحد أعضاء مجلس النواب في إحدى الولايات الامريكية الذي تقدم بطلب فرض عقوبات على كل من يجني على اللغة بالتعسف في استعمال قواعدها ومفرداتها قائلا : " لقد وضعنا قوانين جزائية لمختلف الجنايات ولكننا لم نفكر في وضع قانون واحد لمعاقبة الجانين على اللغة ".

    وبهذا الصدد لن نألو جهداً في أن نردد ونؤكد أن آفة اللغة العربية هي في قلة اهتمام المسؤولين بها وأن مواكبتها للغات الحية الراقية منوطة بالإرادة السياسية لرجال الدولة أصحاب القرار في البلاد العربية. نرجو الله ألا تذهب كلمتنا هذه صيحة في واد. وأن تجد استجابة من ذوي العزائم الفعالة والهمم الخلاقة والارادات الحسنة وأن تكون فيها ذكرى "لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد".