نظمت هذه القصيدة
احتفالا بذكرى مولد سيد الوجود صلى الله
عليه وسلم في سنة 1396 وقد وافق شروعي في
نظمها تقدم بعض الإخوان إلي بطلب نظم
قصيدة في المولد لتنشد في حفلة الزاوية
التجانية بدرب السلطان وعلى رأسهم المقدم
الجليل والعارف بالله الأصيل السيد الحاج
العربي ابن الأمين حفظه الله وبارك سره
ومعناه وكذلك
ناظر الزاوية الشهم الهمام السباق
للخيرات المقدام السيد الحاج محمد بن
الأحمر سليل خليفة شيخنا الأكرم سيدي عبد
الوهاب بن الأحمر المعظم رضي الله عنهما
ورضي عنا بهما.
(القصيدة
من بحر الرمل بعروض وضرب محذوفين (
يـا
رسـولَ الـلـهِ يـــا خَــيْــرَ
الْـبَــشَــــرْ يــا نَـبِــيّـــاً
حُــبُّــهُ سِـــرُّ الــظَّــفَــرْ
يا
حـبـيـبــاً مِــلْءَ
رُوحِي والـنُّهَــى (1)
مِـلْءَ وِجْـدَانِـي (2)
وقَـلْـبِـي والـفِكَـرْ
أَنْـتَ
رُوحُ (3)
الْـكَــوْنِ أَصْــلُ خَـلْــقِــهِ
أَنْـتَ عَــيْــنُ الـنُّـورِ
رَغْـمَ مَـنْ كَـفَـرْ
هِــيَ
أَنْــــوَارُكَ مِــنْــهـَــا
قَــــدْ بَـــــــدَا كُــلُّ
نَــجْــمٍ كُـلُّ
شَــمْـسٍ وَقَـمَـرْ
لَــيْــسَ
هَـــذَا الْــكَــوْنُ
إِلاَّ قَــبَـــســـــاً
مِــنْ مَــعَــانِـيـكَ
تَــرَاءَتْ بِــقَـدَرْ (4)
حُـبُّــكَ
الـقـاسِـمُ فِـي الـنَّـــاسِ
الــــرُّؤَى
مَـا لِأَعْــمَى الـقَـلْـبِ حَـظٌّ
فِـي النَّظَـرْ
كُــلُّ
حُـسْـنٍ فِـي الــوَرَى مِـنْــكَ
أَتَــــى
يـا جَـمِـيلَ الْـخَـلْـقِ
والْـخُلْـقِ الْأَبَـــرّْ
يـا
سَـمَــاءً بِـالـهُــدَى قَــــدْ
أَشْـــرَقَــــتْ فَــأَنَـــارَتْ
كُــلَّ بَـــدْوٍ
وحَـــضَـــرْ
لَــمْ
يَــزَلْ بِـالْــبِــرِّ
والْـخَـيْــــرِ يُــــرَى هَـاطِلاً مِـنْ
فَـضْـلِهَا جُـودُ الْمَطَـرْ (5)
جُــدْ
عَـلَـى عَـبْــدٍ ظَــلُــومٍ
مُــسْـــــرِفٍ خَــائِــفٍ مِــنْ
ذَنْـبِـهِ حَــرَّ سَـقَـرْ (6)
حُـبُّــكَ
الـــزَّادُ فَــمَــا لِــي
غَـــيْــــــرُهُ
مِــنْ صَـنِــيــعٍ
لِــمَـعَــادِي
مُـدَّخَـــرْ
كُـنْ
شَــفِــيـعِـي عِــنْــدَ رَبِّـــي
كَــرَمـــاً يَـا شَـفِـيـعَ
الـلَّـهِ فِي أُولِـي الْـكُـبَرْ (7)
لَــكَ
عِــنْـــدَ الـلَّــهِ جَــــــاهٌ
مُـــفْـــــــرَدٌ مَـنْ يَـسَـلْ
يَــقْـضِ بِـهِ كُـلَّ وَطَـرْ (8)
فَــبِــــهِ
آدَمُ لَــمَّـــــا
أَنْ غَـــــــــوَى وعـَـصَــى
الـلــهَ دَعـَــاهُ
فَــغَـــفَـرْ
يَــا
نَـجِـيَّ الـلَّـــهِ عِـنْــدَ
الـمُـنْـتَـهَـى (9)
حَـيْـثُ لاَ فَــوْقَ
ولاَ الْـغَـيْــرُ خَطَــرْ
حِـيـنـمَـــا
الـسِّــدْرَةُ فِـي
غِـشْــيَــانِــهَـــا
مَـا طَغَى مِنْـكَ ولاَ زَاغَ
الْـبَصَرْ (10)
أَدَبٌ
فَـــذٌّ تَــنَـاهَـى (11)
فِــي الْــعُــــلاَ رَبُّـــنَـــا
أَثْــنَــى عَــلَــيْــهِ
وشَــكَـــرْ
مـُـحْـكَــمُ
الـتَّـنْـزِيــلِ أَهـْــدَاكَ
الــثَّـــنَــا رَافِــعــــاً
ذِكْـــــرَكَ آيــــاً
وسُــــوَرْ
شَــــهِــــدَ
الــحَــقُّ تَــعَـــالَـــى
إِنَّـــكَ لَـعَـلَى خُـلْــقٍ
عَــظِــيـمٍ وسَطَــرْ (12)
أَيُضِيءُ
الـشَّمْعُ (13)
فِي شَمْسِ الضُّحَى
أَيُّ مَــدْحٍ بَــعْــدَ هَــذَا
يُــعْــتَــبَــرْ ؟
لَــمْ
يَــكُــنْ مَــدْحِـيَ
تَــنْـوِيـهـــاً بِــمَــنْ حَـــارَتِ
الْأَفْــهَـــامُ فِــيــهِ
والْـفِــكَــرْ
إِنَّـمَـــا
أَرْجُـــو بِــمَــدْحِ
الْـمُـصْـطَــفَــى
لِــذُنُــــوبٍ
كَـثُــرَتْ أَنْ
تُـغْــتَـفَـــرْ
بَــيْــدَ
أَنَّ الـقَــلْــــبَ يَــهْــفُـــو
لِـلَّــــذِي جَاءَهُ يَسْـعَى عَلَى
السَّـاقِ الشَّجَـرْ(14)
وبَــكَـى
الْـجِـــذْعُ عَــلَــيْـــهِ
أَسَــفــــاً مَـــا سَــلاَهُ لاَ
ولاَ عَـنْــهُ صَـبَــرْ (15)
لَــيْــتَ
أَنِّـــي ذَلِــكَ الــجِـــذْعُ
الَّـــــذِي ضَـمَّـهُ
الـمُـخْـتَــارُ مِـنْ خَـيْـرِ
البَـشَـرْ
كَـيْـفَ
يـَسْــلُو الْـقَــلْــبُ مَـنْ
رَحْـمَــتُـهُ عَــمَّــتِ
الْـكَـوْنَ ووَاسَــى
ونَـصَــرْ
الْـكَـرِيــمَ
الـنَّـفْـسِ واْلأَصْــلِ
الْـوَفِــــي
خَـيْـرَ مَنْ جَـازَى مَـدِيحـاً
وأَجَـرْ (16)
دُونَــــهُ
الــبَــحْـــرُ سَــخَــاءً
ونَــــــدىً
مَـا عَهِـدْنَـا الـبَحْـرَ
يُـلْـقِي بِالدُّرَرْ (17)
فَــإِذَا
أَثْــرَى (18)
صَـبَـاحـاً
فِي الْـمَـسَـا
بَــدَّدَ الـجُــودُ غِـنَــاهُ
فَــافْــتَــقَــرْ (19)
صَــادِقُ
الْـوَعْـــدِ أَمِــيــنٌ
مُــحْــسِـــنٌ
ورَؤُوفٌ ذُو
ذِمَـامٍ (20)
وخَـفَــرْ (21)
وحَــلِـــيــــمٌ
وَحَـــكِـــيــــمٌ
عـَـــــــادِلٌ
وصَــبُــورٌ لَـمْ تَـنَـلْ
مِـنْـهُ الْغِــيَــرْ
غَـــرَسَ
اْلإِحْـسَـــانَ فِـــي
أُمَّـــتِــــــــهِ وسَــقَــى
الْـغَــرْسَ هُـــدَاهُ
فَــازْدَهَــرْ
فَــإِذَا
قَــفْــــرُ الــنُّــفُـــوسِ
جَـــنَّــــــةٌ أُكْــلُـهَــــا
دَانٍ تَـــدَلَّــى
وانْــتَــشَــرْ
فَــجَّــرَ
الــرَّحْـمَــةَ عَــيْــنــاً
مَــاؤُهـَـــا
فِـي قُــلُـوبِ
الــمُـومِــنِـيــنَ اِنْــهَـمَــرْ
فَـجَــرَتْ
خَـيْــراً
وبِـــــرّاً وتُـــــقًـــــى
لاَ رِيَـــاءً
مِــثْــلَ قَــــوْمٍ
وصُــــوَرْ
عُـصْـبَـةٌ
لِـلــرِّفْــقِ بِـالْـبُـهْــمِ
نَــضَــــوْا وبـَـنَــوْا
مَـلْهـىً بِـتَـعْــذِيـبِ
الَـبَـقَــــرْ
أُمَـمٌ
جِــيــرَانُـــهَــا تَــفْـــنَـى
طَـــــــوىً تُـتْـلِــفُ
الــزَّرْعَ لِـبَخْـسِ
الْـمُــتَّـجَــرْ
مِــلَّــةُ
الْإِسْـــلاَمِ أَزْكَـــــى
رَحْــمَـــــــةً
لاَ يَـجُـــوعُ الـجَـارُ
فِــيـهَـا أَو يُـضَــرّْ
أُمَّــــةُ
الْــمُــخْــتَــــارِ أَعْـــلَى
كَــرَمـــاً
بِـرُّهَـــا أَبْــقَـى
وأَقْـوَى فِـي الـسِّـيَــرْ
فَــلَـئِـــنْ
كَـــذَّبَـــهُ الــنَّــــاسُ
فَـــقَـــــــدْ صَــدَّقَ
الْـبُــهْـــمُ وحَــيَّــــاهُ
الْـحَـجَـرْ
كَــمْ
أَعَـــادَ الـرُّوحَ
لِـلْـمَـوْتَــى وكَـــــمْ
مِـنْ يَــدَيْـهِ الْـمَــاءُ
لِـلـصَّحْـبِ انْـفَجـرْ
أَبْــرَأَ
الْـمَــرْضَى بِــلَــمْـــسِ
يَــــــــدِهِ
والْـبَـعِــيــرُ لَـــهُ
بِـالـشَّـكْـــوَى جَــــأَرْ
لِـعَـلِــيِّ
رَدَّ شَــمْـسـاً
غَــــرَبَـــــــــتْ
لِــقَــتَـادَ رَدَّ
عَــيْــنـــاً مِــــنْ عَـــــــوَرْ
نَـطَــقَ
الــذِّئْــبُ بِـــطَــــهَ
مُـــومِــنــــاً شَـهِـدَ الـضَّــبُّ
لَــهُ انْــشَــقَّ الْـقَــمَـــرْ
مُـعْجِــزَاتٌ
لَـيْـسَ تُـحْـصَـى كَــثْــــرَةً
مَــكْـرُمَــاتٌ دُونَــهَـا
الْــعَــدُّ انْحَـصَــرْ
يــا
حَـبِـيــبَ الـلـــهِ إِنِّـــي
مُـــغْـــــرَمٌ
هَــاجَـتِ الـذِّكْـرَى
شُـجُـونِـي والْـعِـبَـرْ
مَــا
سَــبِــيــــلُ الْــحُـــبِّ
إِلاَّ أَلَـــــــمٌ
وحَــــنِــيــــنٌ
وَبُـــكَـــــاءٌ وَسَــهَـــــرْ
إِنْ
تَـصِـلْـنِـي بِـالـرِّضَـا لَـــذَّ
الْـجَـــوَى واسْـتَــوَى
عِــنْـدِي السُّــرُورُ والْـكَـدَرْ
لاَ
أُبَـــالِـي إِنْ يَـقُــولُــوا
عَـاشِـــقــــــاً
أَو تَـصَــابَـــى،
أَوتَـزَكَّــى، أَو فَـجَـــرْ
يــا
مُـحِــبَّ الـمُـصْـطَـفَــى
أَنْـشِــدْ وزِدْ وتَـــفَـــنَّـــنْ
فِـي أَمَـــادِيـــحِ الْأَغَـــــرّْ
هَـــذِه
حَــفْــلَـــةُ ذِكْــرَى
الــمَــوْلِــــــدِ
مَــا لَــنَــا عَـــنْـهَـا
مَـحِــيــدٌ أَو زَجَــرْ
إِنْ
يَـقُولُـوا : "بِـدْعَـةٌ "
قُــلْـنَـا « نَـعَـمْ
حَــسُـنَـتْ مِــثْـلَ
تَــرَاوِيــحِ عُــمَــرْ »
زَعَـمُـــوا
ذِكْــرَى الـنَّــبِــيِّ
ضَـــرَراً لَيْـسَ فِـي
ذِكْـرَى الْحَبِيبِ مِنْ ضَـرَرْ
هَـــذِهِ
لَــيْـلَـــــةُ عُــشَّـــــاقِ
الــنَّــبِــــي مَـا عَـلَـى
الـعُـشَّــاقِ فِي الْحُـبِّ وَجَــرْ
مَـوْلِـــدٌ
تـَــاجٌ عَــلَــى رَأْسِ
الْــعُــــــلاَ
وبِــهِ الـعَـصْـرُ عَـلَى
الـدَّهْــرِ افْـتَخَـرْ
مَـوْلِـــدُ
النُّـــورِ الـسَّـنِــيِّ
الـمُـجْـتَــبَــى رَحْـمَـةً
لِـلْـعَــالَـمِــيـنَ
الْـمُـنْــتَــظَـــرْ
اِزْدَهَــى
عَـــرْشُ الإِلاَهِ
واحْــتَــفَــــتْ
بِـهِ أَمْـــلاَكُ
الــسَّــمَــاوَاتِ الْـغُــيُـــــرْ
سَــيِّــدُ
الْـكَـــوْنِ أَتَــى الـــنَّــاسَ
فَــيَـــا مَـرْحَـبـاً،
بُــشْــرَى لِــــوَاعٍ
ادَّكَـــــرْ
يَــا
مُحِـبِّـي الـمُصْطَـفَـى صَلُّـوا
عَـلَــى خَـيْـرِ
مَـنْ صَـلَّـى ولَـبَّـى
واعْــتَـمَـرْ
رَدِّدُوا
مَـــــدْحَ الـنَّـبِــيِّ
الْـعَـــــرَبِــي
فِــي بُــكُـــورٍ
وأَصِـيـــلٍ وسَــحَـــرْ
صَـلِّ
يَا رَبِّـي عَــلَـى خَـيْـــرِ
الـــوَرَى
أَحْــمَــــدِ الـنَّـــاسِ
ومَـحْـمُـودِ الْأَثَـــرْ
وعَــلَـى
الْآلِ الـكِــــرَامِ
الْأَتْــقِــــيَــــــا
وعَـلَـى الصَّـحْــبِ
مَحَـامِـيـدِ الـسِّـيَــرْ
مَــا
سَجَــا الـلَّـيْـلُ ومَـا فَــاحَ
الــشَّــــذَا وشَــدَا الطَّيْـرُ
عَـلَى غُصْــنِ الـشَّجَــرْ
الشرح
:
(1)
النهى :
العقل.
(2)
الوجدان
: ما يجده الإنسان في قلبه من عواطف ومشاعر
وخواطر.
»(3)
روى عبد
الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله
عنه قال : قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي
أخبرني عن أول شيء خلقه الله تعالى قبل
الأشياء قال يا جابر إن الله تعالى خلق قبل
الأشياء نور نبيك من نوره فجعل ذلك النور
يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى ولم يكن
في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا نار ولا ملك
ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جني
ولا إنسي، فلما أراد الله تعالى أن يخلق
الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء فخلق من
الجزء الأول حملة العرش ومن الثاني الكرسي
ومن الثالث باقي الملائكة ثم قسم الجزء
الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول
السماوات ومن الثاني الأرضين ومن الثالث
الجنة والنار ثم قسم الجزء الرابع أربعة
أجزاء فخلق من الأول نور أبصار المومنين
ومن الثاني نور قلوبهم وهي المعرفة بالله
تعالى ومن الثالث نور أنسهم وهو التوحيد
لا إلاه إلا الله محمد رسول الله.
وعن
علي بن الحسين عن أبيه عن جده رضي الله
عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كنت
نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر
ألف عام » من كتاب الأنوار المحمدية من
المواهب اللدنية تأليف يوسف بن اسماعيل
النبهاني.
(4)
كل إنسان يرى من فضائل النبي صلى الله
عليه وسلم ومن صفاته ومعانيه وأسراره
وإمداداته وتجلياته على قدر محبته له صلى
الله عليه وسلم جعلنا الله ممن أحبوه محبة
خاصة فاقت كل محبة له آمين آمين آمين.
(5) جود
المطر : يقال سماء جود ومطرتان جودان :
عبارة عن غزارة المطر.
(6)
جهنم
.
(7) ذوي
الكبائر عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : شفاعتي لأهل الكبائر
من أمتي رواه الترمذي وأبوداود (جامع
الأصول في أحاديث الرسول) والشفاعة خمسة
أقسام : الأولى الشفاعة العظمى وهي لجميع
الخلائق بإراحتهم من هول الموقف وتعجيل
الحساب ونحوه والثانية في إدخال قوم الجنة
بغير حساب الخ. والثالثة في زيادة الدرجات
في الجنة لبعض أهلها. والرابعة في قوم
استوهبوا النار بذنوبهم فلا يدخلونها،
والخامسة في إخراج بعض المذنبين من النار،
والأولى والثانية خاصتان بنبينا سيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم (غاية المامول شرح
التاج الجامع للأصول
في أحاديث الرسول ج5 ص 383).
(8)
وطر
: حاجة.
(9)
عند سدرة المنتهى وذلك إشارة إلى قوله
تعالى في سورة النجم « ولقد
رآه نزلة أخرى
عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى إذ
يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ
البصر وما طغى ». يا نجي الله : أي يا من
ناجاه الله.
(10)
إشارة
إلى قوله تعالى عن النبي صلى الله عليه
وسلم : « ما زاغ البصر وما طغى»
وحكى أبو محمد المكي وأبو الليث
السمرقندي وغيرهما أن آدم عند معصيته قال :
« اللهم بحق محمد اغفر لي خطيئتي ويروى
وتقبل توبتي، فقال له الله : من أين عرفت
محمدا ؟ » قال : رأيت في كل موضع من الجنة
مكتوبا :
لا
إلاه إلا الله محمد
رسول الله، ويروى : "
محمد عبدي ورسولي "، فعلمت أنه أكرم
خلقك عليك فتاب الله عليه وغفر له، وهذا
عند قائله تأويل قوله تعالى :" فتلقى آدم
من ربه كلمات"
وفي رواية أخرى : فقال آدم
لما
خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب
: لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه
ليس أحد أعظم قدرا عندك ممن جعلت
اسمه مع اسمك، فأوحى الله إليه وعزتي
وجلالي إنه لآخر النبيين من
ذريتك
ولولاه
ما خلقتك ». عن « الشفا
بتعريف حقوق المصطفى، صلى الله عليه
وسلم » للقاضي عياض - الباب
الثالث
في الإخبار
بعظيم قدره.
(11)
فذ
: لا نظير له. تناهى : بلغ النهاية في العلا.
(12)
سطر
: كتب شهادته في كتابه المحكم القرآن
بقوله تعالى
: « وإنك لعلى خلق عظيم ».
(13)
الشمع
يقصد به مدح البشر وشمس الضحى يقصد به مدح
الله له في القرآن الكريم في عدة سور وآيات.
(14)
أخرج
الإمام أحمد عن طلحة بن نافع قال : جاء
جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهــو جالس حزين قد خضب بالدماء ضربه بعض
أهل مكة فقال له : « ما لك ؟ » فقال له رسول
الله صلى الله عليه وسلم « فعل بي هؤلاء
وفعلوا فقال جبريل : « أتحب أن أريك
آية؟» فقال : «نعم» فنظر إلى شجرة من
وراء الوادي فقال : ادع تلك الشجرة
فدعاها قال فجاءت تمشي حتى قامت بين
يديه فقال : « مرها فلترجع إلى مكانها ».
فأمرها فرجعت إلى مكانها، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم « حسبي حسبي ».
وأخرج
الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا
مع النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل أعرابي
فلما دنا منه قال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم : « أنى تريد »
قال « إلى أهلي ». قال : « هل لك إلى خير
؟
» قال
: « وما هو؟ ». قال : « تشهد أن لا إلاه إلا
الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده
ورسوله». قال :
« هل لك من شاهد على ما تقول ؟ ». قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : «هذه
الشجرة» فدعاها
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بشاطئ
الوادي، فأقبلت تخد الأرض خدا. فقامت بين
يديه فاستشهدها ثلاثا فشهدت ثم رجعت إلى
منبتها (رواه الحاكم وغيره). وقوله تخد أي
تشق الأرض. وعن بريدة سأل أعرابي النبي صلى
الله عليه وسلم آية. فقال له رسول الله صلى
الله عليه وسلم « قل لتلك الشجرة رسول الله
يدعوك » قال : « فمالت تلك الشجرة عن يمينها
وعن شمالها وبين يديها وخلفها فتقطعت
عروقها ثم جاءت تخد الأرض تجر عروقها
مغبرة حتى وقفت بين يدي رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقالت : « السلام عليك يا رسول
الله » قال الأعرابي « مرها فلترجع إلى
منبتها » فرجعت فدلت عروقها في ذلك الموضع
فاستقرت فقال الأعرابي : « ائذن لي أن أسجد
لك » قال : « لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد
لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها » رواه في
الشفاء. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال
جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال «بم أعرف أنك رسول الله» قال
« إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة
أتشهد أني رسول الله
» فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل
ينزل من النخلة حتى سقط إلى النبي صلى الله
عليه وسلم ثم قال ارجع فعاد فأسلم
الأعرابي (رواه الترمذي وصححه). وفي حديث
يعلة بن مرة الثقفي ثم سرنا حتى نزلنا
منزلا فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم
فجاءت شجرة تشق الأرض حتى غشيته ثم رجعت
إلى مكانها. فلما استيقظ رسول الله صلى
الله عليه وسلم ذكرت له فقال هي شجرة
استأذنت ربها في أن تسلم عليَّ فأذن لها »
رواه البغوي في شرح السنة. وروى مسلم عن
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما
قال « سرنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم حتى نزلنا واديا أفيح فذهب رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فاتبعته
بإداوة من ماء فنظر رسول الله صلى الله
عليه وسلم فلم ير شيئا يستتر به فإذا
شجرتان في شاطئ الوادي فانطلق رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما فأخذ بغصن
من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله
تعالى فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي
يصانع قائده، ثم فعل بالأخرى كذلك حتى إذا
كان بالـمنصف
بينهما قال « التئما علي بإذن الله تعالى
التئاما ».
(15) قال
الإمام الشافعي رضي الله عنه ما أعطى الله
نبيا ما أعطى نبينا محمدا صلى الله عليه
وسلم. فقيل
له أعطى عيسى
إحياء الموتى قال أعطى محمدا صلى الله
عليه وسلم حنين الجذع حتى سمع صوته فهي
أكبر من ذلك. قال القاضي عياض حديث حنين
الجذع مشهور منتشر والخبر به متواتر أخرجه
أهل الصحيح ورواه من الصحابة بضعة عشر
منهم أبيُّ بن كعب وجابر بن عبد الله وأنس
بن مالك وعبد الله بن عمر وعبد الله بن
عباس وسهل بن سعد وأبو سعيد الخدري
وبريدة، وأم سلمة، والمطلب ابن أبي وداعة
والقصة واحدة وإن تغايرت بعض ألفاظها وهي
أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان
مسقوفا على جذوع نخل فكان النبي صلى الله
عليه وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها فصنع
له المنبر ثلاث درجات ليسمع الناس خطبته
لما كثروا فلما قعد صلى الله عليه وسلم جأر
الجذع حتى تصدع وانشق. وفي رواية فصاحت
النخلة فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم
وضمها إليه فجعلت تئن أنين الصبي الذي
يبكي. وفي رواية سمعنا لذلك الجذع صوتا
كصوت العشار. وفي رواية اضطربت تلك
السارية كحنين الناقة الخلوج. وهي التي
انتزع منها ولدها. وفي رواية جأر الجذع
كجؤار الثور حزنا على رسول الله صلى الله
عليه وسلم حتى ارتج المسجد لجؤاره فنزل
إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من
المنبر فالتزمه وهو يخور فلما التزمه سكت
ثم
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس
محمد بيده لو لم ألتزمه لما زال هكذا حتى
تقوم الساعة حزنا على رسول الله صلى الله
عليه وسلم فأمر به صلى الله عليه وسلم فدفن.
وفي حديث بريدة أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال إن شئت أردك إلى الحائط الذي كنت
فيه تنبت لك عروقك ويكمل خلقك ويجدد لك خوص
وثمر وإن شئت أغرسك في الجنة فتأكل أولياء
الله من ثمرك ثم أصغى له النبي صلى الله
عليه وسلم ليسمع ما يقول فقال بل تغرسني في
الجنة فيأكل مني أولياء الله وأكون في
مكان لا أبلى فيه فسمعه من يليه فقال النبي
صلى الله عليه وسلم « قد فعلت » ثم قال : «اختار
دار البقاء على دار الفناء» وقد روي حديث
حنين الجذع عن جماعة من الصحابة من طرق
كثيرة تفيد القطع بوقوع ذلك. وقال العلامة
التاج بن السبكي الصحيح عندي أن حنين
الجذع متواتر. وقال الحافظ بن حجر في فتح
الباري حنين الجذع وانشقاق القمر نقل كل
منهما نقلا مستفيضا يفيد القطع عند من
يطلع على طرق الحديث. وقال البيهقي قصة
حنين الجذع من الأمور الظاهرة التي حملها
الخلف عن السلف. قال أبو القاسم البغوي كان
الحسن إذا حدث بهذا الحديث
بكى.
ثم قال : يا عباد الله الخشبة تحن إلى
الرسول صلى الله عليه وسلم شوقا إليه
لمكانه من الله فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه.
(عن الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية).
(16)
أجر
: أعطى أجرا أي جزاء ومكافأة.
(17)
المعهود
في البحر أنه لا يرمي بما فيه من درر ولآلئ
وإنما يكتنزها للغواصين أما المأثور عن
سيدنا
محمد صلى
الله عليه وسلم فإنه يجود بالعطاء، عطاء
المال والوعظ والخير وبذل المعروف والبر
والإحسان قبل أن يسأل وبدون أن يسأل.
(18)
أثرى
: أصابه الثراء أي الغنى.
(19)
بَدَّدَ
: فَرَّقَ العَطَاءُ وَكَرَمُهُ الغِنَى
والثَّرَاءَ.
(20)
الذِمام
: (بكسر الذال) : العهد والأمان والكفالة
والحق والحرمة. وكل هذه المعاني مقصودة
ومرادة.
فقد
كان صلى الله عليه وسلم ذا ذمام : أي ذا حفظ
للعهود ومراعاة لها ووفاء بها.
(21) الخفر :
الحياء فلقد جاء في الأثر أنه صلى الله
عليه وسلم كان أشد حياء من العذراء في
خدرها.
|