قد جمع الله في بلادي من روائع الطبيعة ومفاتنها ما تفرق في غيرها من البلدان فكانت نفسي الشابة المتفتحة للحياة كلما همت بالتمتع بصورة من صور ذلك الجمال الطبيعي الخلاب اصطدمت بمآسي الحياة الاجتماعية على عهد الاستعمار الفرنسي فكانت ترجع بمرارة الخيبة والحسرة وكابوس الحزن والألم. فحاولت تصوير تلك الحالة النفسية في هذه القصيدة التي نظمتها في عام 1950 (ما كانت سني تتجاوز 23 سنة عند نظم هذه القصيدة).
تَــرِفُّ عَــلَـى ثَــغـْــرِيَ الـمُــقْـــفَــــلِ كَـطَــيْــفِ حَــمَـامٍ عَــلَـى جَــدْوَلِ
وَ تُـشْـرِقُ كَالـشَّمْسِ غِـبَّ الـشِّــتَـــاءِ فَــتُـحْــجَــبُ بِـالـغَــسَـــمِ الأَكْـــتَـــلِ
وَ تَـطْـفَـحُ وَجْـهِـي بِـوَهْـــجِ الحَــيَـــا ةِ ثُـــمَّ تَـغُـــورُ فَـــلاَ يَــنْــجـَــلِـي
تَــوَسَّــمْــتُ فِــيـهــــا دَلاَلَ الحِــسَـــا نِ لَــكِـــنْ دَلَالٌ بِــــــلاَ غَــــــــزَلِ
تَـصُـــدُّ وَ تَــرْتَـــــدُّ لاَ عَــنْ هَــــوىً وَ تُـغْــرِقُــنِـي فِـي الأَسَى الْأَقْــتَــلِ
*
* *
تَـفَــتَّـحَ قَـلْـبِــي لِـهَـــذَا الــوُجُـــــودِ يُـعَـــانِــقُ فِــيــهِ جَـمِـيــلَ الصُّــوَرْ
يُــرَاقِــــصُ أَ طـْـيَــافَـــهُ الــمَــرِحَـــا تِ مُـنْــدَمِــجــاً بِـعَــذَارَى السَّـحَـرْ
يَـعُــبُّ الــسَّــنَــا مِـــنْ مَـنَــابِـــعِــــهِ وَ يَــرْشُــفُــهُ مِـنْ ثُـغُــورِ الـــزَّهَــرْ
وَ يُـصْـغِـي لِهَـمْـسِ الـنَّسِيـمِ الحَـنُونِ وَ يَـشْــدُو مَعَ الـطَّـيْـرِ فَـوْقَ الـشَّجَـرْ
بِـكُــلِّ سَـــنَــــاءٍ لـَـــــهُ فِــتْـــنَــــــةٌ مـُـجَــنَّــحَـــــةٌ تَــتَــقَـــفَّـى الأَ ثَــــرْ
إِذَا مَـا تَــرَاءَتْ حـَـيَــاةُ الـصَّــغَــــــا رِ مُــفْــعَـــمَــةً بِــمَـآسِــي الـــــرَّدَى
مُــثْــقَـــلَــةً بِـجِـسَـــامِ الــخُــطُــوبِ مُـضَــرَّجـَـــةً بِـشِــعَـــارِ الـــفِــــــدَى
تـَجِـيـــشُ بِـــقَــــوْمٍ يُـقَــاهِــرُهُـــــمْ عَــصِــيـفٌ أَبـَـــادَ وَ أَفْــنَـى الصَّــدَى
يُـجَــرِّدُهُــمْ مِــنْ زَهِـيــدِ اللِّـبَـــاسِ وَ يَـمْــزِقُ عَــنْـهُـــمْ رِدَاءَ الـــنَّــدَى
وَ يَـقْــذِفـُهُـمْ فِـي مَهَـاوِي الضّــلاَلِ وَ لاَ مَـــنْ يَــمُــدُّ إِلَـــيْــــهِـمْ يَــــدَا
تَــــــوَارَتْ مُـــطَــــارَدَةً إِثْـــــرَهَــــا هُـمُــــومٌ تَـجَـــاوَزْنَ كُـــلَّ مَـــــدَى
*
* *
وَ تَـغـْـمُـرُنِـي بِـصَــفَــاءِ الــشُّـعُــورِ وَ شَـــدْوِ الأَمَــانِي وَ لَـحْــنِ الأَمَــلْ
وَ تَـسْـمُـو بِـرُوحِـي إِلــى عــالَـــمٍ بَـهِـيـجِ الـضِّـيَــاءِ بَـــدِيــعِ الـظُّــلَـلْ
فَـأَشْـعُــرُ أَنِّـي نَـهَــلْــتُ الــخُـلُـودَ وَ أَنِّــي امْــتَـــلَأْتُ بِــسِـــــرِّ الْـجَـذَلْ
وَ أُرْشِــفْـتُ نَـبْــعَ الـحَـيَــاةِ الـنَّـمِـيـــــــرَ وَ شَــارَفْـتُ كُـنْــهَ الوُجُـودِ الجَــلَلْ
وَ حَـلَّــقْــتُ زَهْـــــواً بِــأَجْــنِـحَـــةٍ مِــنَ الـطُّـهْــرِ عَـبْـرَ سَمَـــاءِ المُـثُـلْ
*
* *
إِذَا مَـا تَــبَــدَّتْ غـُـيُــومُ الــشَّــقَــا ءِ مُـمْـطِـــرَةً بِــأَفَــاعِــي الــفَــنَــا
أَفَــاعٍ تَـجُـــوسُ خِـــلاَلَ الـنِّــيَــامِ وَ تَـنْـفُــثُ فِـيـهِـمْ سُـمُـومَ الـوَنَـــى
فَـتَــقْــدَعُ رَهْــطـاً بِـيَـأْسٍ مُـمِــيـتٍ وَ تَـجْــلُـو لِـرَهْــطٍ حَـيَـاةَ الـخَــنَـــا
وَ تُـغْـرِمُ رَهْـطـاً بِـفِـسْــقٍ وَ قَــاحٍ وَ بِالْــعَــزْفِ عَـنْ مُـنْجَـزَاتِ المُـنَى
وَ تَـنْـثُــرُ فِــيـهِــمْ بُــذُورَ الـشِّـقَــاقِ وَ تُـطْـفِـئُ فِـي الـرُّوحِ كُــلَّ سَـنَــا
ذَوَتْ وَ اخْـتَــفَـتْ فـِي دَيـَاجِـي أَسـىً أَنَـاطَ بِـنَـفْــسِي ضُــرُوبَ الـضَّـنَــى
فَـيَـا وَمْــضَـةَ الخُـلْــدِ فِـيـمَ الـرِّيَـا عُ مِــنْ غـَـمَــرَاتِ دُجـىً فَــانِـيَـهْ
وَ يَـا نَـفْـحَـةَ الـعَـزْمِ كَـيْـفَ تَـخَـافِـيــــــنَ يَــأْســـاً طَـغَـتْ رِيـحُــهُ الـوَانِـيَــهْ
تَـعَــالَـيْ نُـقَـاهِــرْ رِيَـاحَ الــفَـنَــاءِ وَ نُــفْــنِ زَوَابِــعَـــهُ الــعَــاتِـــيَـــهْ
تَـعَـالَــيْ نُـكَـافِـحْ غـِمَارَ الـشَّــقَــاءِ وَ نُجْـزِ الْأَسَى الضَّـرْبَـةَ الـقـاضِـيَــهْ
تَـعَـالَـيْ نُـنَـبِّــهْ نَــــؤُومَ الـضُّــحَـى وَ نَـــأْسُ جِـــرَاحَـاتِــهِ الــدَّامِـــيَــهْ
تَـعَـالَـيْ نُـخَـلِّــدْ أَغَـانِـــي الــرَّجَــاءِ وَ نُـحْــيِ بِـهـَا الـمُـثُـلَ الـسَّامِـيَـهْ
|