نالت هذه القصيدة الجائزة الأولى في المباراة الأدبية التي نظمتها الوكالة المغربية للأنباء والإشهار والسفر بمناسبة عيد العرش لسنة 1950.
أَعْــذِرْ بِـشَـعْــبِـكَ أَنْ يَـكُـونَ عَـمِــيـــدَا إِذْ كَـانَ شَــأْوُكَ فِي الْـمُـلُـوكِ وَحِـيـدَا
عَــبَــرَتْ مَـآثِــــرُكَ الْـبِـحَـــارَ وَ رُدِّدَتْ آيَـاتُ مَجْـدِكَ فِي الـشُّـعُــوبِ نَـشِـيـدَا
وَ مَلَأْتَ مِنْـكَ – قُصـَارَهُ - قَلْبَ الـزَّمَــا نِ وَ سَـمْـعَـهُ وَ لِـسَــانَـهُ الْـغِــرِّيـــدَا
فَـشَـدَا بِـحَـمْـدِكَ خَـاشِـعــاً مُـتَـهَــيـِّـبـــاً مُـتَـرَضِّـيـــاً مُـتَـوَجِّــداً مَـفْـــــؤُودَا
بَـهَـرَتْهُ تِـلْـكَ الْـمُـعْـجِـزَاتُ تَـدَفُّـقــــاً تَـنْهَـلُّ مِـنْـكَ وَ مَا اقْـتَضَـتْـكَ جُهُـودَا
وَ زَهَـاهُ أَنَّـكَ كُـلَّـمَا جُــزْتَ الْـمَــــدَى شَــارَفْـتَ أُفْــقــاً لِـلْـعَـلاَءِ جَـدِيـــدَا
حَـتَّـى إِذَا أَبْــلَـيْـتَ مَـأْثُــورَ الْـعُـــلاَ أَبْـدَعْــتَ شَـيْـئـاً لَـمْ يَـكُنْ مَـوْجُــودَا
أَغْــرَاهُ شَعْـبُـكَ - وَالِـهاً مُـتَـفَــانِــيــاً شـَغَــفـاً بِـحُـبِّـكَ - أَنْ يَـكُــونَ وَدُودَا
عَـجَـبـاً لِـقَــــوْمٍ يَـعْـجَـبُـونَ لِـحَـالِـــهِ مُـسْـتَـكْـثِـرِيـنَ هُـيَامَـهُ الْمَـشْـهُـودَا
مَـهْـمَـا تَـعَـاظَـمَ حُـبُّــهُ لَـكَ لاَ يَـفِــي أَبَــدًا بِـمَــا شَــيَّــدْتَـــهُ تَــشْــيِــيــدَا
حِـصْـنـاً أَقَـمْتَ لَـهُ عَـزِيزاً مِنْ مَبَـــا دِئِـكَ الـنَّـبِـيـلَــةِ قَـدْ وَقَــاهُ شُــرُودَا
ظَـلَّـلْـتَـهُ بِـجَـنَاحِ رَحْـمَــتِــــكَ الَّــتِــي تَـأْسـُـو الْجَرِيحَ وَ تُسْعِـفُ الْـمَـنْـكُودَا
وَ مَنَحْـتَ هَـيْـكَـلَـهُ الـنَّـحِـيلَ صَلاَبَــــةً وَ مَـضَـاءَ عَـــزْمٍ مِــنْ لَـدُنْــكَ شَـدِـدَا
وَ كَـسَـوْتَـهُ الـثَّـوْبَ الْجَدِيـرَ بِشَــأْنِــهِ فَـغَــدَا يُـذِيـلُ مِنَ الْـفَـخَـارِ بـُــرُودَا
وَ حَـبَـوْتَهُ مِنْ رُوحِـكَ الْـوَعْيَ الـسَّلِـيــــــبَ فَـصَـارَ لِـلْـمَجْـدِ الـتَّلِـيـدِ مُـعِـيـدَا
وَ نَـفَـحْـتَهُ سِـرَّ الْحَـيَـاةِ فَـهَـبَّ يَــرْ تَـجِـعُ الْحُـقُـوقَ وَ لِلْـقُـيُـودِ مُـبِـيـــدَا
مُـتَـسَـلِّـحاً بِـالْعَـزْمِ وَالْحَـقِّ الصُّـرَا حِ وَ كَـانَ ذَلِكَ فِي الْعَـتـَادِ عَـتِـيـدَا
نَادَى وَنَادَيْـتَ : "الْجـَلاَءَ ! فَزُلْـزِلَتْ أَرْكَـانُ حِـصْـنٍ كَـانَ قَـبْـلُ وَطـِيـدَا
رِيــعَ الـدَّخِـيــلُ مِـنَ الـنِّـدَاءِ وَ هَـالَـهُ أَنْ رُدِّدَتْ أَصْـــــدَاؤُهُ تَــــرْدِيـــــــدَا
فَـتَـأَبَّـطَ الْـفَـتْـكَ الـشَّـنِـيعَ وَ رَاحَ يُـــزْ جِـي لِـلْـقُــبُــورِ وَ لِلـسُّجُـونِ كُـبُــودَا
وَ الْيَوْمَ يَأْتِي - وَيْحَهُ - مُسْـتَـنْـصِـراً فِــي رَهْـطِـهِ يَـسْـتَــنْجِـدُونَ عَـبِـيـــدَا
الـشَّــعْـبُ آلَى ثُــمَّ أَعـْـلَـنَ عَـزْمَــهُ وَ الـشَّـعْـبُ عَـزْمُـهُ لَـمْ يَـكُـنْ مَــرْدُودَا
أَلاَّ يُـوَالِــي الْـمُـنْــكِـرِيـنَ حـُقُــوقَـهُ الـْـمُــوثِــقِــيــهِ سَـلاَسِـلاً وَ قُــيُـــودَا
نَـهْـــجُ الْــجَـلاَلـَـةِ لاَ يُــرِيــدُ بَـدِيـلَــهُ كَــلاَّ وَ لَـيْـسَ يَـــرُومُ عَــنْــهَ مَـحِـيـدَا
*
* *
مَــوْلَايَ شَـعْـبُـكَ أَسْـكَرَتْــهُ الأَنْـعُـــمُ وَ مَـــآثِـــرٌ تَــتْـــرَى تُـشِـيـــدُ خُــلُودَا
وَ شَـجَا تَرَاجِـمَهُ الْعَــيَاءُ فَأَفْـصَحُــوا عَـنْ عَـجْـزِهِـمْ أَنْ يَـمْدَحُوكَ قَـصِـيـدَا
مَـاذَا يَـصُـوغُ المَادِحُونَ وَ قَــدْ أَتَــتْ آيَــاتُــكَ الْـفُـصْــحَـى تَـبُــزُّ مُــشِــيـدَا
فَـضَحَـتْ مَـوَاقِـفُـكَ الْـبَـيَـانَ وَ أَهْـلَـهُ لَـمَّـا فَـضَـحْـتَ إِلَــى الْأَنَــامِ حَــقُــودَا
مَــادَتْ لَهـَا بـَارِيـسُ وَالْأُمَـمُ الـَّـتِـي لِـسِـوَى حَـدِيـثِـكَ لَــمْ تَـكُــنْ لِـتَـمِـيـدَا
وَ صَلِيَ الدَّخِيلُ شُوَاظَهَا وَ أَضَاءَ فِي أُفُــقِ الْـبِـلاَدِ كَــوَاكِـبــاً وَ سُـعُــودَا
لَوْ كَانَ يَدْرِي مُسْـتَزِيرُكَ(1)مَا عَـقَدْ تَ عَـلَـيْـهِ عَــزْمَـكَ لَاتَّــقَـاكَ بـَعِـيـــدَا
لَـمَّـا وَطِـئْـتَ تُـرَابَهُ وَ خَـطَــرْتَ فِــي هَـــالاَتِ نُـــورٍ أَكْــبَــرَتْــكَ نَــجِـيـــدَا
تَـقْـتَـادُ هَـيْـبَـتُـكَ الْـوَقـُـورَةُ رَوْعَــــةً عُـلْـوِيَّةً تُــلْـقِـي الْأَنَــامَ سُـجُـودَا (2)
وَ مَـثُـلْـتَ فِي بُرْجِ السِّـيَاسَةِ فَـيْـلَـقـًا بِـالـرَّأْيِ يَـهْــزِمُ لِـلْـعــُـدَاةِ جـُـنـُودَا
وَ نَـهَـضْـتَ لِلْـوَطَـنِ الْمُعَـنَّى كَيْ تَــفُـــــــكَّ إِسَــارَهُ وَ تُـزِيــحَ عَـنْـــهُ سُـــدُودَا
وَ لَـفَـظْـتَ قَـوْلَـتَـكَ الشَّـرِيـفَةَ غَـيْـرَةً جِـرِّيــئَــةً قَــدْ خَـلَّــدَتْـــكَ مَـجِـيــدَا :
" عَـهْـدُ الْحِمَايَــةِ قَـدْ تَـبَـيَّــنَ مَـيْـنُـهُ وَ فَــسَـادُ أَمْـرِهِ طـَارِفـاً وَ تَـلِـيـدَا "
" إِنَّـا - المَغـاربةَ الْأُبَـاةَ لَـنَـبْـتَـغِـــي لِـلْـمَـغْــرِبِ الْحُرِّ الْأَبِــيِّ وُجُـــودَا "
فَـتَـرَكْــتَـهَـا أُمْــثُـولَــــةً وَطَـــنِــيَّـــةً تُـذْكِـي الْحَـمَاسَ وَ تَسْـتَـثِـيرُ جُهُـودَا
هَـتَـفَـتْ بِـمَحْـيَـاكَ الْـقُـلُوبُ وَقَـدَّسَـتْ ذِكْـــرَاكَ أَقْــوَامٌ تَــجُـــرُّ قُــيُــــودَا
وَ تَــمَـنَّـتِ الْـجَـمْـهُـورِيَّاتُ مُـمَـلَّـكًـا لَـمَّــا رَأَتْــكَ الْـعـَـاهِـلَ الـصِّـنْـدِيـــدَا
وَ تَـنَــاجَــتِ الْأَرْوَاحُ مُـقْـسِـمَـــةً بِــأَنَّــــــــكَ خَـيْـرُ مَنْ يَرِثُ الْـمُـلُوكَ الصِّيــدَا
عَــزَّتْ سَـمَاؤُكَ يَـا هُـمَامُ وَ لَـمْ تَــزَلْ مُـتَـشَـوِّفـاً ، أَنَّى تَــرُومُ صُعُــودَا ! ؟
غَمَرَتْ مَحَامِدُكَ الـنُّـفُوسَ وَ مَا قَــنَـعْــــــــتَ وَ لَـمْ تُـغَــادِرْ مَــنْ يَــوَدُّ مَــزِيـدَا
أَقْـضِـي نَهَـارِي مُـجْـهَـدًا فِـي عَــدِّهَـا وَ أَقُولُ : " أَنْضِدُهَا غَـدًا تَـنْضِـيدَا "
حَـتَّى إِذَا وَافَـى الصَّـبَاحُ صَـبَحْـتَـنِــي بِـمَـفَـاخِـرٍ لَــيْـسَــتْ تُــقَــاسُ عَــدِيدَا
مَـالِـي أُسَـهِّــدُ فِـي مَـدِيحِكَ مُـقْـلَتِـــي وَ أَرُومُ شَــيـئـاً لَــمْ يَـكُــنْ مَـــوْرُودَا
حَسْبِي وَ حَسْـبُكَ فِي الْمَدِحِ عَوَاطِـفٌ فِـي الْـعِــيـدِ آلَــتْ أَنْ تَــزِيــدَ وَقُــودَا
نَـهْـتَاجُ فِـيـكَ صَـبَـاحَـنَـا وَ مَـسَـاءَنَــا وَ نُـقِـيـمُ لِـلْـوَجْــدِ الْـعَـنِـيـفِ سُــدُودَا
فَــإِذَا اسْـتَهَـلَّ صَبَاحُ عِـيدِكَ بَـاسِـمــاً نُـفْـنِـي الـسُّـدُودَ وَ لَا نُـرِيــدُ حُـــدُودَا
فَـنَـظَـلُّ نَـهْـتِـفُ فِـيهِ باِسْـمِـكَ عَـالِـيـاً مُـتَـرَنِّـحِـيـنَ تَـخَـشُّـعـاً وَ سُــعُــــودَا
عـاش الملـيكُ و دامَ عَـرْشُـهُ سامـياً وَ رَعَــى الْإِلَاهُ أَمِـيـرَنَــا الـصِّـنْـــدِيـدَا
وَ أَعـَـادَ عِــيـدَكَ يَــا هُـمَـامُ مُــتَـوَّجـاً بِــالْــفَــوْزِ مُـلْـكـاً زَاهِـــراً وَ سَعِـيـدَا
الشرح :
(1) المستزير : هو فانسان أريول (Vincent Auriol) رئيس الجمهورية الفرنسية الذي سبق له أن زار المغرب بصفة شخصية قبل انتخابه رئيسا للجمهورية. فأولاه محمد الخامس رحمه الله حفاوة وإكراما بالغين. فلما أصبح رئيسا للجمهورية أراد أن يرد بعض هذا الإكرام فاستزار العاهل المغربي الذي ألقى خطابا عند استقباله بباريس من طرف رئيس الجمهورية قال فيه قولته المشهورة التي نوردها بالمعنى لا بالنص : " نظام الحماية كبر و ترعرع عنه المغرب فهو كجلبابة خيطت لصبي صغير فلما صار الصبي رجلا ضاقت عنه ولم يعد يسعه لباسها " ؛ ثم قدم طلبا رسميا إلى الحكومة الفرنيسة من أجل إلغاء حمايتها المفروضة على المغرب. وقد فوجئ رئيس الجمهورية ورجال الدولة الفرنسية بهذا الطلب وبذلك التصريح فلم يكونوا يتوقعون قط صدورهما من سلطان المغرب.
(2) سجودا لله : ففي الحديث ما معناه : " إن لله رجالا إذا ما رؤوا ذكر الله".
|